له أن يقدر قدر مسيره ورجوعه فيوسع عليه فيه، بل أرى كل ما كان من النظرة بسبب ذلك السفر قد سقط بتركه الخروج.
قلت: أرأيت إن كان رجوعه لغير إقامة، وهو يسعى جاهدا في أن يمضي لسفره، وينتظر خروج جماعة وكتيف من الناس، ليقوى على ما خافوا من اللصوص، فهو في ذلك حتى حال الأجل، أيجوز له أن يتهيأ للخروج بعد حلول الأجل أن يمضي النظرة التي كانت سبقت، أم يلزمه الغريم إن أبى أن ينظره؟
قال محمد بن رشد: قوله: إن النظرة التي أنظره بسبب السفر تسقط بتركه السفر صحيح؛ لأنه إنما أنظره من أجل السفر الذي أخبره أنه يريد، فصار السفر شرطا للنظرة وعلة لها، فوجب أن تسقط بسقوطه بمنزلة أن لو قال له: قد أنظرتك إن سافرت هذا السفر الذي تذكره، وذلك نحو قول سحنون في جامع البيوع، في الذي يبتاع العبد، أو البعير فيابق العبد، ويشرد البعير، فيستوضع البائع، ثم يجده بعد ذلك: إن الوضيعة تسقط عن البائع، ولم يجب على الذي تأخر سفره بسبب ما حدث في الطريق حتى حل الأجل من غير أن يتركه أو يرجع بنيته عنه، والجواب في ذلك أن يكون له النظرة إن خرج في سفره، إلا قدر ما تأخر بسبب ما عرض من التعذر في الطريق، ومثال ما يعرف به ذلك أن ينظره، فإن كان بينه وبين حلول الأجل يوم، استنظره شهر أو مقدار ما يغيب في سفره الذي استنظره بسببه ثلاثة أشهر، فلم يخرج حتى حل الأجل بمضي شهر أن يكون له من النظرة ما بقي من الثلاثة الأشهر، وذلك شهران والعشرون يوما، فإن لم يقضه إلى شهرين والعشرين يوما حنث، فيوكل عند خروجه وكيلا يقضيه قبل انقضاء هذه المدة؛ لئلا يحنث، ومن حق صاحب الدين أن يأخذ منه حميلا بذلك، وبالله التوفيق.
ومن كتاب المكاتب قال: وسألته عن الرجل يقول: كل امرأة أتزوجها إلا فلانة