إن ارتحلت عاصية له في ارتحالها عنه راضية بفراقه، فإذا لم ترتحل إلا وهي تظن أنه طلقها على ما أخبرها به إخوتها لم يقع عليه طلاق، وقول سحنون يأتي على مراعاة ما يقضيه اللفظ دون الاعتبار بالمعنى، ونحوه ما وقع في رسم البز من سماع ابن القاسم، وقد قال ابن دحون: إن قول سحنون أحسن قال: لأنه يلزم علي قول ابن القاسم في رجل قال إن سألت امرأتي الطلاق طلقتها فأتي إليه فقيل له: قد سألت الطلاق وكذب له فطلق ألا يلزمه ذلك، ولا اختلاف أنه يلزمه وإن ثبت أنه كذب له، فإن قيل إنما يلزمه؛ لأنه كان عليه أن يتثبت، قيل له: وكذلك المرأة.
قال محمد بن رشد: ولا يلزم ابن القاسم ما ألزمه سحنون لأن المسألتين مفترقتان لأن هذا الذي كذب له، وقد أخطأ على نفسه في تطليق زوجته فلا عذر له في الخطأ على نفسه في ذلك الذي قال إن ارتحلت عني امرأتي فهي طالق قيل إن الطلاق يقع عليه بمجرد الارتحال دون مراعاة المعنى الذي يظهر من قصد الحالف، وإليه ذهب سحنون على معنى قول مالك في مسألة رسم البز من سماعه، وقيل إن الطلاق لا يقع عليها إذا لم ترتحل على الوجه الذي أراد وإلى هذا ذهب ابن القاسم وبالله التوفيق.
مسألة قال ابن القاسم: لو أن رجلا أخذ وبه رائحة شرب فقال امرأته طالق إن كان شرب خمرا، فشهد عليه أنها رائحة مسكر فقال ما أردت إلا الخمر بعينها.
فقال: ينوي في ذلك ويكون القول قوله، ولو قال امرأته طالق إن كان شرب مسكرا فقد جمع كل شيء، فإن شهد عليها