إذا أراد أن لا يأخذ من تلك الدراهم بعينها شيئا فلذلك لم يحنثه إذ زالت عينها وتبدلت بسواها فلو أخذ أكثر من درهم لم يحنث أيضا، ولو لم يرد الدراهم بعينها لحنث بأقل من نصف درهم، ولو كانت نيته ألا يأخذ منها درهما فما فوقه لم يحنث إذا أخذ أقل من درهم، وقوله صحيح في المعنى، إلا أنه ليس في المسألة ما يدل على أنه أراد أعيان الدراهم فإنما معناها أنه راعى اللفظ ولم ينظر إلى البساط والمعنى، وهو أصل قد اختلف فيه قول مالك وأصحابه إلا أن المشهور من مذهبه ومذاهبهم مراعاة البساط والمعنى في اليمين، وقد ذكرنا هذا في غير ما موضع، وإلى هذا التأويل ذهب ابن لبابة فقال: إنما لم يحنثه من أجل أنه لم يأخذ إلا أقل من درهم وبالله التوفيق.
مسألة وسئل عن رجل دعته ختنته أن يشتري هو وهي خادما لابنتها يخرجان الثمن جميعا فاشترياها، فشجر بين الرجل وبين بائع الخادم أمر فحلف بطلاق امرأته أن يخرجها من بيته ففعل، وإن الختنة استتمت الثمن فأرادت أن تردها إلى بيته حين كملت الختنة الثمن كله.
فقال: لا يدخلها في بيته فإن فعل حنث.
قال محمد بن رشد: لم يحمل يمينه في هذه المسألة على ما يقتضيه اللفظ من مجرد الإخراج فيبرئه ولا يحنث في ردها إلى بيته، كالحالف على غيره لينتقلن عن داره، وحملها على أنه إنما أراد ألا تكون في بيته ولا يستخدم بها لأنها تشبه مسألة الشاة في رسم الأقضية الثالث من سماع أشهب من كتاب النذور، وقد مضى القول هناك على الفرق بين المسألتين، فهو بعينه فرق أيضا بين هذه ومسألة الانتقال ولو كان إنما كره أن يخرج فيها من عنده شيئا من ثمنها لشيء شجر بينه وبين ختنته فخرجت