نصف النهار، وأما العشي فإني أراه من وقت الظهر إلى المغرب وليس وقت الظهر الأول، ولكن من وسط الوقت، وذلك أن مالكا حدثني عن بعض من مضى، فقال: ما أدركت الناس يصلون الظهر إلا بالعشي، ولا شك أنهم لم يكونوا يؤخرون إلى آخر الوقت.
قال محمد بن رشد: قوله في أول المسألة وعن رجل، عطفا على المسألة التي فوقها لمالك، يدل على أن المسألة له، وله في أول الصلاة الأول من المدونة في غدوة مثل قوله هاهنا: إنه ما دام الفيء في نقصان فهو غدوة بعد، وتفرقته بين غدوة وبكرة بأن لا يكون بكرة إلا ارتفاع الضحى إلا على، صحيح، ومن الدليل على صحة ذلك- سوى ما ذكره في الرواية- من الناس لا يوقعون بكرة إلا على ما قبل نصف النهار قول الله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ} [القمر: 38] ، وإنما جاءهم العذاب بعد ارتفاع الشمس بدليل قَوْله تَعَالَى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ} [الحجر: 73] ، وإشراق الشمس ضياؤها، يقال: شرقت الشمس، إذا طلعت، وأشرقت إذا أضاءت، ولو حلف ليقضين حقه صباحا لكان له سعة إلى ارتفاع الضحى إلا على قوله في بكرة؛ لأنهما سواء؛ لقول الله عز وجل: {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ} [القمر: 38] ، وفي كتاب ابن المواز في الحالف ليقضين حقه غدوة أو بكرة أنه يبرأ ما بينه وبين زوال الشمس، والأول أصح لما ذكرناه مما دل عليه كتاب الله، وقوله في العشي إنه من