ابن القاسم، خلاف قول ابن الماجشون في الواضحة، وقد مضى القول على ذلك في الرسمين المذكورين، في رسم تسلف من سماع ابن القاسم من كتاب النذور، فلا معنى لإعادة ذلك.
مسألة وسئل: عمن قال لامرأته: رأسي من رأسك حرام إن أخرجتك من عند أمك إلا أن تخرجني أمك، فأخرجتني أمها.
فقال مالك: ومن يعلم أن أمها أخرجتك؟ فقال: الجيران، فقال له: ثبت ذلك عليها وأشهد على ذلك؟ قيل له: وترى قوله رأسي من رأسك حرام طلاقا؟ قال: إي والله، إني لأرى ذلك، قال مالك: وإن أخرجته أمها فليس عليه طلاق.
قال محمد بن رشد: هذا كله بين على ما قال؛ لأن التحريم طلاق فهو يقع بالبعض كما يقع بالكل، لا فرق بين أن يقول الرجل لامرأته: أنا منك طالق وأنت مني طالق، وبين أن يقول لها: رأسي منك طالق ورأسك مني طالق، ورأسي من رأسك طالق، فكذلك لا فرق بين أن يقول الرجل لامرأته أنت علي حرام أو أنا عليك حرام، أو رأسي عليك حرام أو رأسك علي حرام. وقوله رأسي من رأسك حرام مثل قوله رأسي على رأسك حرام؛ لأن حروف الجر قد تبدل بعضها ببعض، وكذلك القول في قوله وجهي من وجهك حرام. وقد مضى ذلك والقول فيه في رسم أوصى من سماع عيسى من كتاب التخيير والتمليك. ويأتي للمسألة ذكر في سماعه أيضا من هذا الكتاب في رسم أوصى.
فإذا ثبت أن قول الرجل لامرأته: رأسي من رأسك حرام، طلاق - وجب إذا حلف بذلك ألا تخرج امرأته من عند أمها إلا أن تخرجه أمها، فأخرجها من عند أمها، وادعى أنه إنما أخرجها من عند أمها؛ لأن أمها أخرجته، وجب عليه أن يقيم البينة على ذلك كما قال مالك؛ لأن الطلاق ثلاث، قد وجب عليه بالحنث بإخراجها، إلا أن يقيم البينة على ما يسقط الحنث عنه، وبالله التوفيق.