يحملون ذلك على أنه اختلاف من قول مالك، وأن ما في كتاب التخير والتمليك أصح مما في هذا الكتاب، وكذلك قال ابن دحون في هذه المسألة: إنها مسألة حائلة؛ لأن كل الروايات عن مالك: أنه لا يلزمه إلا ما حرك به لسانه أو كتبه بيده، فإن لم يحرك به لسانه، وليس ذلك على ما قال، بل هي مسألة صحيحة على الأصول؛ لأن الكلام باللسان والكتب باليد إنما هو عبارة عما في القلب يفيد الحكم الظاهر خاصة، وما أجمع عليه في قلبه من طلاق امرأته لازم له فيما بينه وبين الله وإن لم ينطق به لسانه ولا خط به بنانه، هذا هو الصحيح، وإن كان قد روى عبد الرحمن الأعلى عن ابن وهب عن مالك في الرجل يطلق بقلبه، قال: ليس عليه شيء حتى يكون الإفصاح، على أنه يحتمل أن يريد ليس عليه شيء في الحكم الظاهر، والله أعلم.
مسألة وسئل: عمن باع جارية من رجل فسأله أن يضع له ثلاثة دنانير فحلف البائع بطلاق امرأته البتة إن وضع عنه دينارين ونصفا إلا أقل، فجاء أخو الحالف فقال: أغرم ما بقي ولا يختصمان.
فقال له مالك: أما شيء يكون عليك فلا، وأما شيء يكون من مال أخيك فنعم، يصالحه به عليك من مال نفسه.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال: إنه إن كان أخو الحالف يقدم ذلك للحالف من مال نفسه على أن يتبعه بذلك، أو من مال أخيه الحالف فلا يبر الحالف بذلك؛ لأنه لم يصل إليه ما حلف عليه، فكأنه قد