قال: أرى يُدَيَّن، إن كان لم ينو ألا تدخل امرأته لتزور أختها أو لتمرضها فلا أرى بأسا أن تدخل وتمرض ولا أرى عليه حنثا، وذلك أنه خرج ولم يسكن، وإنما كان ذلك منها على غير ما نوى زوجها، قال أصبغ: معنى هذه، المسألة إنما حلف ألا يساكنها هو بنفسه وهذا الذي نوى، فإما إن كان حلف منها ألا يساكنها فترك امرأته معها وخرج يطلب بيتا لكان حانثا في تركه إياها معها حتى وجد منزلا.
قال محمد بن رشد: قول مالك في هذه المسألة خلاف قوله في المدونة وخلاف ما يأتي في رسم القطعان من سماع عيسى من أن من حلف ألا يسكن دارا فلم يجد ساعة حلف بعياله وأهله وولده ومتاعه وإن كان في جوف الليل حنث، وتأويل أصبغ عليه غير صحيح؛ لأنه لو تكلم على أنه نوى ألا يساكنها هو بنفسه لما قال إنه يحنث برجوع امرأته إلى منزل أختها وكونها معها على وجه السكنى، ولا يحنث إن فعلت ذلك على وجه الزيارة أو التمريض إلا أن يكون نوى ذلك، ووجه قوله أنه راعى مقصد الحالف دون الاعتبار لمقتضى لفظه؛ لأن من حلف ألا يساكن رجلا فمعنى لينتقلن عنه في أعجل ما يقدر، فإذا لم يغره في ارتياد منزل والانتقال إليه لم يحنث، وما في المدونة يأتي على اعتبار مقتضى لفظه دون مراعاة قصده؛ لأنه إذا حلف على ألا يساكن رجلا ولم ينتقل عنه تلك الساعة فقد ساكنه بعد يمينه، وقد بينا هذا الأصل والاختلاف فيه في رسم الثمرة ورسم جاع من سماع عيسى من كتاب النذور وفي غيره من