ارتجعتها، ثم أبق ولم يذكر ذلك إلا لسيدها، ولم يحق ذلك بدخول عليها ولا كينونة عندها، أيطلق عليه، أم يضرب له أجل المفقود؟ قال مالك: هذا شاهد واحد، فأرى أن يرفع ذلك إلى السلطان، فأرى للسلطان أن يفرق بينهما، ولا يضرب له أجل المفقود؛ لأن الرجعة لم يشهد عليها إلا شاهد واحد، فأرى أن يفرق بينهما.
قال محمد بن رشد: قول مالك: هذا شاهد، يفرق بينهما، ولا يضرب له أجل المفقود؛ لأن الرجعة لم يشهد عليها إلا رجل واحد، نص منه على إجازة شهادة السيد على ارتجاع أمته، خلاف قول ابن القاسم في كتاب إرخاء الستور من المدونة: إن شهادته على ارتجاعها لا تجوز، قياسا على ما قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إن شهادته على إنكاحها لا تجوز، ولا اختلاف في أن شهادته على إنكاحها لا تجوز؛ لأنه يشهد على فعل نفسه ليجيزه، ولأن ذلك يوجب لها صداقا، فهو يتهم من أجل أنه له انتزاع مالها، وأما شهادته على ارتجاع الزوج لها، فقول مالك: إنها جائزة، أظهر من قول ابن القاسم؛ إذ لا تهمة على السيد في ذلك في مال يجره إليها، بل هو مقر على نفسه أنها باقية في عصمة الزوج، وذلك ينقص ثمنه، ويحول بينه وبين الاستمتاع بها. وقياس ابن القاسم الارتجاع على النكاح ليس بصحيح، وبالله التوفيق.
ومن كتاب الطلاق وسئل عن امرأة اليهودي والنصراني يسلم قبل أن يدخل بها زوجها، أله عليها رجعة إن أسلم؟ فقال: لا رجعة له عليها، وكيف له عليها رجعة وهي ليست في عدة لا رجعة له عليها؟
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، وهو مما لا اختلاف فيه أحفظه في المذهب، إن المرأة إذا أسلمت قبل أن يدخل بها زوجها فلا سبيل له عليها إن أسلم بعد ذلك؛ إذ ليست في عدة منه؛ لأن السنة إنما جاءت في أنه أحق بها