قال محمد بن رشد: قوله: فما كان في ذلك من فضل كان للابن قبل أبيه، يدل على أن ما كان يأخذ لابنه قد كان استنفقه وصار له في ذمته، وقد أتى القول على ذلك في التقسيم الذي ذكرناه في أول مسألة من السماع فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.
ومن كتاب حلف ليرفعن أمرا وسئل مالك عن امرأة كانت تسكن مع زوجها ثم هلك زوجها، وله منها ابنة بنت ثمان سنين، وللمتوفى إخوة ولأم الجارية إخوة من مسكن الزوج على رأس مرحلتين، فأرادت أن تدخل بابنتها إلى إخوتها وهو مسكنها الذي كانت تسكنه قبل أن تتزوج، فأبى عمومة الجارية أن يتركوها، قال: قال مالك: المرأة لا أرى أن تدخل بها من عندهم قالت: فإن أخوتي يريدون أن يدخلوني قال: ليس ذلك لهم، وليس لك أن تخرجيها من عند ولاتها.
قال محمد بن رشد: مثل هذا في كتاب ابن المواز من قول ابن القاسم وروايته عن مالك، إنه ليس لها أن تدخل بهم مسافة الرحلة والرحلتين، قال أشهب: ولا إلى الثلاثة برد، وهو مثل ما في المدونة من أنه ليس لها أن تخرج بهم إلى المكان القريب، وليس في حد ذلك شيئا يرجع إليه في الكتاب أو السنة، وإنما هو الاجتهاد، لقول الله عز وجل: {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} [البقرة: 233] ، وقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذا اجتمع ضرران، نفي الأصغر للأكبر» ؛ لأن منع المرأة من الخروج بولدها إضرار