قلت لكم: إني اخترت في المجلس، فقد وجب الفراق بينهما، وإن أنكرت أو كذبت نفسها.
قال محمد بن رشد: قول أشهب: إنها إن أقرت أنها لم تفارقه إلا بعد افتراقهما من المجلس الذي آذاها فيه، فلا خيار لها، هو مثل قول ابن وهب في رسم الأقضية من سماع يحيى: إن ذلك بمنزلة المواجهة بالتمليك سواء، يسقط حقها بانقضاء المجلس الذي وجب لها فيه التمليك، على قول مالك الأول، ومثل قول ابن القاسم في رسم شهد من سماع عيسى من كتاب النكاح، خلاف المشهور من قوله وروايته عن مالك، والذي يأتي في هذه المسألة على المشهور من قول مالك، إن ذلك بيدها وإن طال الأمر بعد الوقت الذي وجب لها فيه التمليك، بأذاه إياها إذا منعته نفسها، بدليل امتناعها منه كالأمة تعتق تحت العبد، وقد مضى هذا المعنى مشروحا مبينا في رسم حلف من سماع ابن القاسم قبل هذا.
وأما قول ابن وهب في إعمال التصديق الذي جعل إلى الزوجة، وإمضاء الطلاق عليها، فلا اختلاف فيه، إذا لم يكن ذلك شرطا في أصل العقد، وقد اختلف إذا كان التمليك بشرط التصديق في الضرر، مشترطا في أصل العقد.
فروي عن سحنون أنه قال: أخاف أن يفسخ قبل البناء، فإن دخل بها فلا يقبل قولها إلا ببينة على الضرر. وكان ابن دحون يفتي بأن من التزم التصديق في الضرر، إن ذلك لا يلزمه، ولا يجوز إلا بالبينة، ومن هذا المعنى مسألة الذي يزوج أجيرا له جارية له على أنه إن رأى منه أمرا يكرهه، فأمرها بيده، وقد مضى القول فيها في أول رسم من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح، فقف عليه، فإن الاختلاف الذي ذكرته فيها داخل بالمعنى في شرط التصديق في الضرر في أصل العقد، والله الموفق.
مسألة وسئل عن رجل قال لامرأته: اختاري، فنقلت متاعها، فسئلت فقالت: لم أرد شيئا، فقال: إن لم تكن اختارت فلا شيء لها.