واحد منهما واحدة، لم تجز حتى يجتمعا عليهما جميعا؛ لأنه إنما قال: طلاق امرأتي جميعا إن شئتما بأيديكما، فإن شاءا جميعا، وإلا فلا أمر لهما فيها.

قال محمد بن رشد: أما إذا قال: أمر امرأتي بأيديكما فلا اختلاف في أن ذلك تمليك، وأن الطلاق لا يقع إلا باجتماعهما عليهما جميعا، أو على أحديهما. وأما إذا قال: أعلما امرأتي بطلاقها، فلا اختلاف في أن ذلك رسالة، وأن الطلاق واقع عليه، أعلماها أو لم يعلماها، وأما إذا قال: طلقا امرأتي فهذا لفظ يحتمل الرسالة والتمليك.

واختلف على ما يحمل من ذلك، فقيل: إنه محمول على الرسالة حتى يريد التمليك، وهو قول ابن القاسم هنا، وفي المدونة، إلا أنه حمل الرسالة على الإجماع فرأى الطلاق واقعا عليه بنفس الرسالة، بلغاها الطلاق أو لم يبلغاها بمنزلة قوله لهما: أعلما امرأتي بطلاقها وحمل الرسالة هنا على غير الإجماع، فرأى أن الطلاق لا يقع عليه إلا بتبليغ من بلغها الطلاق منهما، كما لو وكل كل واحد منهما على أن يطلق عليه، فإن طلق عليه جاز، وما لم يطلق لم يلزمه شيء، وله أن يمنعه من أن يطلق عليه إن شاء بخلاف المملك الطلاق، وقيل؛ إنه محمول على التمليك حتى يريد الرسالة، وهو قول أصبغ، وإياه اختار ابن حبيب.

وأما إذا قال: طلقا امرأتي إن شئتما فهذا تمليك، إلا أنه يقتضي أنه ليس لهما أن يجتمعا على طلاق الواحدة، بخلاف قوله: أمر امرأتي بأيديكما؛ لأن قوله: أمر امرأتي بأيديكما، معناه أمر امرأتي بأيديكما، تطلقان من شئتما منهما أو جميعا إن شئتما، ولا يحتمل أن يكون معنى قوله طلقا امرأتي هذا لجمعه إياهما في الطلاق. وهذا بين لا اختلاف فيه. والله أعلم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد الكريم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015