وما لا يتعلق به حق لغيره، فإن كان مما يسعه ترك تعلمه، عذر بجهله، وإن كان مما لا يسعه ترك تعلمه، لم يعذر فيه بجهله، فهذه جملة كافية، يرد إليها ما شذ عنها، وبالله التوفيق.
مسألة وسألت ابن القاسم عن رجل طلق امرأته طلقة، فقالت له: خذ مني عشرة دنانير، ولا تراجعني، ففعل، فهل تكون عليه طلقة أخرى؟ قال: هذا صلح، وقد بانت منه بتطليقتين، وتبنى على ما اعتدت، وإنما تبتدئ العدة التي تراجع ثم تطلق، فإن تلك تبتدئ العدة من آخر ما طلقها، مس أو لم يمس، إلا المولى، فإنه إن قال أنا أمس فلم يمس، لم تبتدئ العدة ومضت على عدتها.
قال محمد بن رشد: أما قوله في التي قالت لزوجها: خذ مني عشرة دنانير ولا تراجعني: إنه صلح، فهو خلاف ما في سماع زونان عن أشهب، عن ظاهر ما في هذه الرواية، إذ لم يفرق فيها بين أن يكون قد قبض العشرة أو لم يقبضها ويحتمل أن تتأول هذه الرواية على أنه قد قبض العشرة؛ لأن معنى قول أشهب في سماع زونان على أنه لم يقبض العشرة، فلا يكون ذلك اختلافا من القول، إذ لا يتصور الخلاف إلا إذا رجع عن قوله قبل أن يقبض العشرة، وظاهر قول أشهب هذا أن الأمر لا يلزمه وإن قبض العشرة، وله أن يردها بعد أن قبضها ويراجعها، وهو بعيد؛ لأنه إذا قبض العشرة فقد ألزم نفسه ما واجبته عليه المرأة من إسقاط حقه في مراجعته إياها، ولزمته بذلك طلقة بائنة قولا واحدا، وإنما الخلاف إذا قال لها لما جاءته بالعشرة: لا أخذها، ولا أترك حقي في المراجعة؛ لأني لم أوجب ذلك على نفسي، وإنما وعدت به، وذلك على قياس المسألة التي مضى الكلام عليها في أول سماع