قال محمد بن رشد: إنما قال: لا يستحلف النساء في التمليك؛ لأن المرأة إذا جعل أمرها بيدها، صار الطلاق الذي كان بيد الزوج بيدها، والزوج إذا ادعي عليه الطلاق لا يحلف، فإذا كان الزوج لا يحلف مع تحقيق الدعوى، كان أحرى ألا تحلف المرأة فيما لا يحقق عليها فيه الدعوى، وهذا الذي نحا إليه مالك، والله أعلم.

[مسألة: دعت زوجها إلى الفراق وأن تدفع إليه ماله]

مسألة وسئل عن المرأة دعت زوجها إلى الفراق، وأن تدفع إليه ماله. فقال: اشهدوا أني آخذ منها مالي وأطلقها وأفارقها، فإن هي كانت حاملا وطلبت مالها مني، فهي امرأتي. قال مالك: لا أرى الطلاق إلا وقد لزمه، ولا ينفعه هذا الشرط، فقيل له: فإنه لما أصبح من الغد، دفع إليها مالها وقد كانت دفعته إليه، وقال: لا أفارقك ولا أطلقك، وأنت امرأتي، قال مالك: قد لزمه الفراق، فإن أحب أن يرتجعها بنكاح جديد، يرد إليها ما أخذ منها، ويكون نكاحا جديدا، ولا ينفعه ما اشترط.

قال محمد بن رشد: يريد بقوله وأن تدفع إليه ماله، أي أن ترد إليه ما أمهرها به، وساق إليها في صداقها من ماله. وهذا إذا فعلاه يكون الفراق فيه طلقة بائنة، وإن كانا قد لفظا بلفظ الفراق، ما لم ينصا على الثلاث؛ لأن الخلع يغلب على حكم كنايات الطلاق التي تحمل على البتات، فلا تكون كما يغلب على حكم الطلقة الواحدة التي تكون رجعية، فلا تكون رجعية.

وقوله: لا أرى الطلاق إلا وقد لزمه صحيح، وسواء في هذه المسألة قبض المال أو لم يقبض المال؛ لإشهاده على نفسه بقوله: اشهدوا أني آخذ منها مالي وأطلقها وأفارقها. ولو قال لها من غير أن يشهد على نفسه: ادفعي إلي مالي وأطلقك وأفارقك، فلما جاءته بالمال، قال: لا أقبضه ولا أطلقك؛ لأني لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015