بالمرأة حرم عليه كل ما ولدت أو أرضعت من غيره. قيل: فهل يتزوجها ابنه؟ قال: لا بأس بذلك، قال عيسى: إنما هو بمنزلة ما لو تزوج امرأة فوطئها ثم طلقها أو مات عنها ثم تزوجها زوجا فولدت له جارية، أنه لا بأس أن يتزوجها ابن الأول من غيرها، ولا بأس أن يتزوج ابنها من الأخرى ابنة الأول من غيرها.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إن الرجل إذا تزوج المرأة ودخل بها، لا يحل له أن يتزوج ما ولدت من غيره، ولا ما أرضعت قبله ولا بعده؛ لأنهن من الربائب المدخول بأمهاتهن المحرمات بنص التنزيل، قال عز وجل: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] ، والرضاع والنسب في ذلك سواء؛ لقول الله عز وجل: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] ، وقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة» . وأما قوله فيما ولدت أو أرضعت بعده: إنه لا بأس أن يتزوجها ابنه، ومتابعة عيسى له على ذلك، فقد مضى القول فيه مستوفى في آخر سماع أبي زيد من كتاب النكاح، وبالله التوفيق.
مسألة قال عيسى: قلت لابن القاسم: وإن تزوج امرأة كبيرة فدخل بها، ثم تزوج صبية صغيرة فأرضعتها ختنته: أم امرأته الكبيرة، كان له أن يختار أيتهما شاء، ويفارق الأخرى؛ لأنهما قد صارتا أختين حين أرضعتهما، وقد كان عقد النكاح فيهما حلالا. قال أصبغ: صواب حسن.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأنه لما أرضعت الصغيرة أم امرأته الأخرى صارتا أختين، فحرم عليه المقام معهما جميعا، ووجب عليه أن