قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن المعنى الذي من أجله أمر الرسول - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بالوليمة، وحض عليه بقوله لعبد الرحمن بن عوف: «أولم ولو بشاة.» هو ما قاله ربيعة في رسم طلق، من سماع ابن القاسم، من كتاب النكاح، من إشهار النكاح وإظهاره ومعرفته؛ لأن الشهود يهلكون، فإذا كان ذلك هو المعنى في الوليمة، فلا تفوت بالدخول. ويستحب للرجل إذا لم يولم عند الدخول، أن يولم بعده، ليشهر بذلك نكاحه ويظهره، وبالله التوفيق.
مسألة قال: وسئل فقيل له: أرأيت إذا أرضعت امرأة ابنا لي، ألي أن أتزوج ابنتها؟ فقال: نعم، وما بينك أنت وبينها لا بأس بذلك.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إن إرضاع المرأة ابنه لا توجب حرمة بينه وبين ابنتها؛ لأنها لا تصير بذلك ابنة له، وإنما تصير أختا لابنه، فالحرمة إنما هي بين ابنه وابنتها، هو الذي لا يحل له نكاحها؛ لأن حرمة الرضاع لا تسري من قبل المرضع إلا إلى ولده الذكور والإناث، وإن سفلوا، فيجوز له أن يتزوج ابنة المرأة التي أرضعت ابنه؛ لأنها أخت ابنته من الرضاعة، ويجوز للمرأة التي أرضعت ابن الرجل، أن تتزوج أخو الولد الذي أرضعت، إذ لا حرمة بين الولد والمرأة وبين أبي أختها من الرضاعة، ولا بين الرجل وأم أخيه من الرضاعة، والرضاع في هذا بخلاف النسب، لا يحل للرجل أن يتزوج أم أخته من النسب؛ لأنها زوجة أبيه، ولا يحل للرجل أن يتزوج أخت ابنه من النسب؛ لأنها ربيبة، وأما نكاح الرجل أخت أخيه، أو أخت عمته، أو عمة عمته، فذلك جائز في الرضاع والنسب، إذ لا حرمة بينه وبين واحدة منهن.