مسألة وقال ابن القاسم في الرجل يطأ الجارية ثم يزوجها غلامه، فتلد منه جارية: إنها لا تحل لابنه. وروى عيسى بن دينار، أنه لا بأس به. قال عيسى: وإنما هو بمنزلة ما لو تزوج امرأة فوطئها ثم طلقها أو مات عنها، ثم تزوجت زوجا فولدت جارية؛ أنه لا بأس به أن يتزوجها ابن الأول من غيرها، ولا بأس أن يتزوج ابنها من الآخر ابنة الأول من غيرها.
قال محمد بن رشد: وقعت هذه المسألة في بعض الأمهات في آخر هذا السماع، وقول ابن القاسم في سماع أبي زيد منه: إنه لا يحل للرجل أن يتزوج ابنة عبد أبيه من جارية قد وطئها أبوه بعيد. ورواية عيسى عنه: أنه لا بأس بذلك، هو الصحيح؛ إذ لا حرمة بينه وبينها، إلا أن يكون قد صار لها -أعني الجارية- ابن من وطء أبيه، فلم ينقطع عنها حتى تزوجها العبد، فحملت منه فوضعت وأرضعت ابنتها بذلك اللبن الذي كان أصله من أبيه، ولم ينقطع؛ لأنها تصير بذلك أخته للأب من الرضاعة، على ظاهر ما في المدونة، خلاف ما حكى ابن شعبان، وقال فيه: إنه إجماع من أن لبن المرأة ينقطع من زوجها الأول بوضعها من الثاني.
والمسألة التي شبهها بها عيسى هي مثلها سواء، يدخل كل واحد منهما ما يدخل صاحبتها؛ إذ لا فرق بين الوطء بالملك والنكاح، وبين العبد والحر فيما يوجب ذلك من حرمة النكاح، وقد أجمعوا أنه لا يجوز للرجل أن يتزوج ما ولدت امرأة أبيه قبل أبيه، واختلفوا هل يجوز له أن يتزوج ما ولدت بعد أبيه على ثلاثة أقوال: أحدها: أن ذلك جائز، وهو قول مالك وكافة أصحابه العلماء، ورواية عيسى، عن ابن القاسم هنا. والثاني: أن ذلك لا يحل، وهو قول ابن القاسم في رواية أبي زيد عنه، وقد ذكرنا بعد ذلك، وأنه لا يصح إذا لم ترضعها بلبن لم ينقطع من أبيه. والثالث: أن ذلك مكروه، حكى ذلك ابن حبيب، عن طاوس، وما للكراهية في ذلك عندي وجه، إلا إن كانت أمها أرضعتها بلبن زوجها الثاني، فينفي أن يكون