له: فقال: قد دفعته إليها. قال: فإن كان دفعه إليها عينا فهو يضمنه؛ لأن الأبكار ليس يدفع إليهن الدنانير، إنما يجهزن. قيل: فدخلت على زوجها، فزعم أنه جهزها بكذا وكذا، ودفعه إليها، وأنكرت ذلك، قال: تحلف وتبرأ. قال أصبغ: وذلك ما لم يكن التناكر مع الدخول بما يتبين فيه كذبه بدخولها بغير شيء.

قال محمد بن رشد: وقعت هذه المسألة في أصل السماع عقب مسألة الرجل يتزوج البكر فيدفع صداقها إلى أبيها ببينة فيستهلكه ولا مال له. وجوابه فيها أن الأب ضامن للصداق، ويدخل الزوج بامرأته ولا شيء عليه، ولذلك قال في هذه المسألة: هو ضامن له أيضا، يريد ويدخل الزوج بزوجته، ولا شيء عليه، فساوى بين أن يكون للزوج بينة على دفع الصداق، أو لا تكون له بينة على ذلك إذا أقر الأب بالقبض، مثل قوله في آخر السماع خلاف قول ابن وهب وأشهب قبل ذلك في تفرقتهما بين ذلك في دعوى الضياع. والذي يأتي على قولهما في هذه المسألة ألا يكون للزوج سبيل إلى الدخول بامرأته، حتى يدفع الصداق إليها، فيدفعه إليها، ويتبع به الأب المقر في ذمته. وقوله: إن الأبكار ليس يُدفع إليهن الدنانير، إنما يجهزن صحيح. والأصل في ذلك قول الله عز وجل: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} [النساء: 5] فنهى أن تدفع إليهم أموالهم لئلا يفسدوها ويبذروها، وأمر أن يُرزقوا ويُكسوا منها، فوجب أن يدفع إليهم ما يحتاجون إليه من نفقتهم وكسوتهم، وكذلك ما تحتاج إليه المرأة من جهازها إلى زوجها. وأحب أن يدفع إليها وإن كانت مولى عليها. وإنما وجب أن يكون القول قول الأب في أنه جهز ابنته البكر، إلى زوجها، بما قبض من صداقها، وإن كان مدعيا في ذلك؛ لأنه على ذلك قبضه منه، والعرف يشهد له به. وإنما وجبت عليه اليمين، لما تعلق في ذلك من حق الزوج.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015