ويكون الرجل على مساقاة مثله حتى تنقضي السنتان، ولم يفسخه مالك، وقد كان الرجل عمل فيها سنة وبقيت له سنتان، فأتم له مالك مساقاته على مساقاة مثله ورد إليه قيمة عمله ونفقته، فهذه سنة المساقاة والبيع فيما نرى، والله أعلم.
قال محمد بن رشد: أما النكاح والبيع فقد اختلف فيه على ثلاثة أقوال: أحدها قول ابن القاسم وروايته عن مالك هاهنا وفي المدونة أن ذلك لا يجوز على حال ويفسخ قبل الدخول ويثبت بعده ويكون فيه صداق المثل، قيل: لأن البيع طريقه المكايسة وتجوز فيه الهبة، والنكاح طريقه المكارمة ولا تجوز فيه الهبة، فإذا وقعا معا لم يدر ما يقع مما أعطى الزوج للبضع مما يقع منه لما أعطت المرأة فآل ذلك إلى الجهل بمبلغ الصداق وبمبلغ ثمن ما وقع فيه البيع فوجب فيه الفسخ، وقيل: مخافة أن يكون الفرج موهوبا بغير صداق فلا يجوز وإن كان فيما أعطى الزوج فضل كثير على ما أعطت المرأة حماية للذرائع؛ لأن كثيرا من النساء ترضى أن تتزوج الرجل على أن تعطيه لرغبتها فيه لشرفه وحاله أو لكثرة يساره أو ما أشبه ذلك، فيخشى إن صح الأمر من هذين أن لا يصح من غيرهما، وهذا التعليل لأصبغ، فإن طلق الزوج على هذا القول قبل الدخول لم يكن إلا شيء من الصداق لأن الصداق الفاسد لا يجب للمرأة منه شيء بالموت ولا بالطلاق، والقول الثاني: أنه يكره ابتداء حماية للذرائع، فإذا وقع نظر فيه فإن لم يكن فيما أعطى الزوج على ما أعطت المرأة فضل يكون صداقا لم يجز وفسخ قبل الدخول ومضى بعده بصداق المثل، وإن كان فيه فضل قيل قدر ربع دينار فأكثر وهو قول مطرف وقيل فضل بائن كثير لا يقارب أن يستغرقه ما أعطت المرأة، وهو قول ابن الماجشون جاز النكاح ولم يفسخ، وقول مطرف أظهر لأن التقويم يكشف صحة العقد من فساده كما لو تزوج بعرض لا يدرى هل يساوي ربع دينار أم لا يساويه إلا بعد التقويم، وإن طلق الزوج على هذا القول قبل الدخول وفيما