قال محمد بن رشد: لا اختلاف أعلمه في أن الخاطب إذا قال للمخطوب إليه: قد قيل لي: إن وليتك سوداء أو عوراء فقال له: قد كذب من قال ذلك بل هي البيضاء الكذا أن ذلك شرط بمنزلة قوله: ليس لك من هذه العيوب لشيء، يكون للناكح ردها إن وجد بها بعض ذلك، فإن لم يعلم بذلك حتى مس كان لها الصداق، وكان ذلك له غرما على من غره، وإنما اختلفوا إذا وصفها له الولي عند الخطبة بالبياض وصحة العينين ابتداء على غير سبب وهي عوراء أو سوداء فقيل: إن ذلك لازم للزوج ولا كلام له في ذلك لأنه فرط إذ لم يتثبت ويستخبر لنفسه، وهو قول أصبغ في الخمسة، ومذهب ابن القاسم في رواية يحيى عنه واختيار محمد بن المواز، وقيل: إنه بالخيار قبل الدخول إن شاء تقدم على أن عليه جميع الصداق وإن شاء فارق ولم يكن عليه شيء، فإن لم يعلم حتى دخل ردت إلى صداق مثلها على ما بها من العيوب ورجع بالزائد عليها، وهو قول ابن وهب وعيسى بن دينار، وقيل: إنه يرجع به على الولي الذي غره إلا أن تكون ثيبا قد علمت بكذب وليها فتقدمت على معرفة بذلك فيرجع عليها إن كان لها مال وإلا رجع على الولي، وهو قول ابن حبيب، قال ابن القاسم في الدمياطية: ولو قال له غير الولي الذي زوجها منه أنا ضامن لها أنها ليست بسوداء ولا عوراء ولا عرجاء فدخل بها ووجدها بخلاف ما ضمن له لكان له الرجوع عليه بما زاد على صداق مثلها وليا كان أو غيره، وكذلك الحكم في الذي يزوج وليته على أن لها من المال كذا وكذا شرطا لما ليس لها أو سمى ذلك لها عند الخطبة من غير شرط لا فرق بين المسألتين في واحد من الوجهين، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تنكح المرأة لجمالها ولمالها» ، ففرق بين الوجهين إلا أن محمد بن المواز ذهب إلى أنه إن زوج وليته بشرط أن لها من المال ما ليس لها فإنما للزوج أن يرجع على من شرط له ذلك وغره بما زاد من المهر على صداق مثلها إن هو خلى سبيلها ولم يرض بها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015