قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن وجوده الماء عند من يقرب منه ويليه ممن كان يلزمه أن يطلبه منه، ويسأله إياه بعد أن كان سأله أو طلبه كوجوده عند نفسه، فيعيد في الوقت استحبابا، إذ إنما فعل ما افترض الله عليه من الصلاة بالتيمم بعد أن طلب الماء فلم يجده. وقال أصبغ: يعيد أبدا؛ لأنه قد انكشف أنه كان من أهل الماء، فليس جهله به مما يسقط عنه فرض الوضوء، وقول مالك هو الصحيح؛ لأنه لم يكلف علم ما غاب علمه عنه مما لا طريق له إلى معرفته، وإنما تعبد بطلب الماء إذا لم يجده، فإذا بلغ الحد الذي يلزمه في الاجتهاد في طلبه، فلم يجده وتيمم وصلى، فقد أدى فرضه على ما أمره الله به، ووجب ألا يكون عليه إعادة إلا في الوقت استحبابا، ولو ترك أن يطلب الماء عند من يليه ممن يرجو وجوده عنده، ويظن أنه لا يمنعه إياه وتيمم وصلى لوجب أن يعيد أبدا إذا وجد الماء. أصل هذه المسألة الذي تخفى عليه القبلة في المفازة أنه إن اجتهد في الاستدلال عليها ثم صلى فانكشف له أنه صلى إلى غير القبلة لم تجب عليه الإعادة إلا في الوقت استحبابا، وإن صلى تلقاء وجهه دون أن يجتهد في الاستدلال عليها أعاد أبدا؛ لأنه ترك الفرض الواجب عليه في ذلك. وقد مضى في رسم "شك في طوافه" من سماع ابن القاسم في أول سماع أشهب التكلم في حد ما يلزمه من طلب الماء إذا لم يجده، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل عمن تيمم وصلى فقعد يذكر الله حتى طلعت عليه الشمس، أترى أن يركع ركوع الضحى بتيممه ذلك؟ قال: لا.
قال محمد بن رشد: إنما قال: إنه لا يركع ركوع الضحى بتيمم صلاة الصبح؛ لأن الأصل كان ألا يصلي بالتيمم إلا صلاة واحدة على ما مضى القول فيه في أول سماع أبي زيد، وأن لا يصلي نافلة بتيمم فريضة، وإن اتصلت بها، فإنما تصلى النافلة بتيمم الفريضة إذا اتصلت بها استحسانا