ولو وقع في قدر ما يتطهر به الرجل من الماء قطرة من البول أو الدم أو الخمر، لما نجس الماء بذلك على مذهب مالك، وقد مضى بيان ذلك في سماع موسى بن معاوية وغيره، فكيف برد يديه في الطهور قبل أن يغسلهما، إذا اغتسل وفي وجهه ذلك الماء المحكوم بنجاسته، هذا مما ينبغي أن لا يبالى به، وأن يسهل فيه، وأن يستجاز إذ قد أجازه الناس، ولو نجس طهوره برد يديه فيه بعد أن مس بهما جسمه في نقل الماء إليه، وغسله لوجب أن ينجس الماء الذي نقله إليه بملاقاته إياه، فلا يطهر أبدا. وفي الإجماع على فساد هذا ما يقضي بفساد قول من قال: إن الطهور ينجس بذلك، وإن الغسل لا يجزئ به، وبالله التوفيق.
مسألة قال: ومن تيمم للوضوء، وقد كان أجنب، وهو ناس للجنابة إن ذلك التيمم لا يجزئ عنه من الجنابة حتى يتيمم له ثانية، ولو تيمم للجنابة، أجزأه من تيمم الوضوء.
قال محمد بن رشد: قد روي عن محمد بن مسلمة، أن من تيمم للوضوء وهو ناس للجنابة أجزأه؛ لأنه فرض ينوب عن فرض، وروى ابن وهب عن مالك في أصل سماعه، أن من فعل ذلك أعاد التيمم والصلاة في الوقت، فإن خرج الوقت لم يعد؛ لأن التيمم لهما واحد، وذلك راجع إلى قول محمد بن مسلمة؛ لأن الإعادة في الوقت استحباب. ووجه رواية أبي زيد أن التيمم للوضوء إنما يرفع الحدث عن أعضاء الوضوء خاصة، والتيمم للجنابة يرفع الحدث عن جميع جسمه، وإن كان الفعل لهما واحدا، فافتراق النية فيهما يفرق بين أحكامها، كما أن من أفرد الحج أو قرنه، فالفعل فيهما جميعا واحد عند مالك، وإنما تفترق أحكامهما عنده بالنية، وأن من ضحى عن نفسه خاصة، أو أشرك في أضحيته أهل بيته، فالفعل فيهما سواء، وإنما يفترق حكمهما بافتراق النية، وما أشبه ذلك كثير. ووجه قول ابن مسلمة، ورواية ابن