شيئا، فيقرهما عنده جميعا فيزعم أنهما ضاعا، فقال: لا يضمن إلا الواحد الذي استعمله.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إنه لا يضمن إلا الذي استعمله فيه منهما، وإنما اختلف في صفة تقويمه عليه حسبما مضى القول فيه في رسم بيوع، ثم كراء من سماع أشهب فلا معنى لإعادته.
من سماع أصبغ من كتاب البيع والعيوب قال أصبغ: سمعت أشهب وسئل عن الذي يدفع قمحه إلى الرجل، فيطحن على إثر النقش يفسده بالحجارة، قال: يضمنه مثل قمحه، وقاله أصبغ؛ إلا أن يكون علم بالصب بالأثر ورضي.
وسئل عنه ابن القاسم إذا نقص عنه الدقيق، فقال: على الطحان ضمان ما نقص ما يخرج مثل قمحه من الدقيق إذا عرف.
قال محمد بن رشد: أما قول أشهب: إنه يضمنه مثل قمحه إذا طحنه إثر النقش، فأفسده بالحجارة فهو بين لا إشكال فيه؛ لأنه لما أفسد عليه قمحه في الطحين كان مخيرا بين أن يسقط عنه حكم، فيأخذ مفسودا ويودي إليه أجره على طحينه، وبين أن يغرمه مثل القمح الذي أفسد عليه، فإن أغرمه مثل القمح كان عليه أن يطحنه له على ما استأجره عليه؛ لأن مثله كعينه، وليس له أن يغرمه مثل الدقيق سالما من الحجارة، ولو رضي الطحان بذلك لم يجز؛ لأنه إذا فعل ذلك كان صاحب الطعام قد اشترى الدقيق الذي أخذ من الطحان بالقمح الذي وجب عليه، وبالأجرة التي يدفعها إليه فدخله القمح بالدقيق متفاضلا، ويجوز ذلك على مذهب عبد العزيز بن أبي سلمة وغيره ممن يرى الطحن صنعة إذا قبض الدقيق، وكأنه ولم يؤخره، وأما إذا نقص الدقيق فقول ابن القاسم: إنه يكون على الطحان ضمان ما نقص ما يخرج مثل قمحه من الدقيق خلاف قوله في المدونة: إن القصار إذا ضاع عنده الثوب قبل العمل أو