وليس قول سحنون بخلاف لقول غيره؛ لأن العرف كالشرط.
من سماع محمد بن خالد من عبد الرحمن بن القاسم محمد بن خالد: سألت ابن القاسم عن صاحب الفرن إذا ذهب منه الخبز أيضمن؟ قال: نعم يضمن، قال ابن القاسم: وإن احترق من غير تضييع منه له فلا شيء عليه، قال ابن القاسم: والطحان ضامن لما دفع إليه من القمح يطحنه.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال؛ لأن الفران والطحان صانعان من الصناع، فيضمنون ما ادعوا تلفه وما أتى فساده على أيديهم، وإن لم يغروا إلا بما كان من أمر غالب كالنار أو ما فيه غرر من الأعمال، فلا يضمنون فيه إلا أن يغروا أو يتعدوا أو يفرطوا حسبما مضى القول فيه في رسم حبل حبلة من سماع عيسى، وإنما سقط عنهم ضمان ما علم أنه ليس من فعلهم، وأنه قرض فأر أو لحس سوس أو ما أشبه ذلك، قيل: إذا ثبت أنهم لم يضيعوا، وهو قول ابن القاسم في المدونة، وقيل: إلا أن يثبت أنهم ضيعوا، وهو قول ابن حبيب، ويسقط عنهم ضمان ما أقام البينة على تلفه من غير سببهم، فروى ابن وهب عن مالك في موطئه في الذي يدفع إلى الخياط ثوبا، فيخيطه فيصيب بيت الخياط حريق، فيرى ثوب الرجل فيه يحترق، قال: على الخياط فيه الضمان إلا أن يكون سيل أو صاعقة، وقال في الرهن مثله، ومثله لأشهب في ديوانه ولمالك في كتاب ابن المواز وهو على قياس قوله في المدونة إذا قرض الفأر الثوب، وعلم أنه قرض الفار فهو ضامن إلا أن يثبت أنه لم يكن في ذلك سبب من أجل تضييع، وانظر على مذهب من يرى إذا ثبت أنه قرض الفأر أنه لا ضمان عليه حتى يثبت أنه كان له في ذلك سبب من تضييع هل يقال: إذا وقع النار في بيته فرأى الثوب يحترق أنه لا ضمان عليه حتى يثبت أن النار من سببه لغالب العادة أن أحدا لا يحرق بيته ليصدق في ذهاب أمتعة الناس، أو يفرق بينهما بأن فساد الثوب قد علم أنه من قرض