ويأخذ الأقل من الأجرتين صحيح، وكذلك لو أقر صاحب المتاع أنه لم يدفع إلى الثاني إلا ما استأجر به الأول، وهذا إذا علم بما استأجر به أو أقر، وأقر بذلك الثاني، وأما إن لم يثبت ذلك، ولا أقر به الثاني فلا سبيل له إلى أخذ المتاع إلا بعد أن يدفع إليه جميع إجارته إن علمت، وإن لم تعلم، فيخرج ذلك على قولين: أحدهما: أن القول قوله في مبلغها مع يمينه إذا أتي بما يشبه، فإن أتي بما لم يشبه لم يصدق، وكان له أجر مثله، والثاني: أنه لا يكون له أكثر من أجرة مثله، وإن أشبه ما ادعاه، وهو الذي يأتي على مذهب ابن القاسم، وإنما وجب أن يكون للثاني أن يأخذ من صاحب المتاع أقل الأجرتين إذا كان لم يدفع إلى الأول أجرته؛ لأنه غريم غريمه بذلك لا من أجل أن السلعة بيده، إذ ليست عنده برهن، فلا يكون له أن يمسكها حتى يقبض إجارته، ولا يكون أحق بها من غرماء صاحب المتاع إن فلس عند ابن القاسم، ولذلك لا يكون القول قوله في الإجارة على مذهبه إن ادعى أكثر من أجرة مثله، وإنما وجب أن يكون لصاحب المتاع أن يأخذ متاعه معمولا دون غرم يكون عليه الثاني إذا كان قد دفع الأجرة إلى الأول؛ لأن العمل قد وجب باستئجار الأول عليه استئجارا مضمونا في ذمته، ولو لم تكن الإجارة مضمونة، وإنما كان استأجره على أن يعمله بنفسه فاستأجر عليه غيره لما وجب لصاحبه أن يأخذه، وإن كان قد دفع الأجرة إلى الأول حتى يغرم للثاني أجرة مثله، وحتى يكون الثاني قد علم بتعدي الأول في استئجاره إياه على ما وجب عليه أن يعمله بيده، هذا الذي يأتي على أصولهم، ولا أعرف في ذلك نصا، والله المعين.
ومن كتاب أوله سن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسئل مالك: عن رجل استؤجر على عمل يعمله فعمل بعضه، ثم مات العامل؟ قال مالك: أما ما كان من عمل يعمله بيده، فإنه بحسب ما قد عمل، ثم يرد ما بقي، وأما ما كان مضمونا من عمل أو قطاعة مثل دار يبنيها أو حفر خليج أو بئر أو صنعة من الصناعة