والقائم عليها، فهل ترى للرجل أن يتعمد الاشتراء منها؟ فقال: لا إن كانت تلك القرية أخذت عنوة بغير صلح، فلا ينبغي للأسقف أن يبيع منها شيئا، ولا يشتري أحد منه؛ لأنها فيء الله على المسلمين، وإن كانت مما افتتح بصلح، فلا أرى بأسا إذا كانوا يودون ما عليهم من الصلح أن يبيعوا ما شاءوا.
قال محمد بن رشد: أجاز ابن القاسم في هذه الرواية للرجل أن يشتري من أسقف البلدة الناظر فيها والقائم عليها ما باع من عراص الكنائس والحوائط المحبسة عليها إذا كانت الأرض أرض صلح، ومنع من ذلك في رواية أصبغ بعد هذا، فوجه إجازته لذلك في هذه الرواية أنهم أهل ذمة أقروا في بلادهم وأخذت منهم الجزية على أن يخلى بينهم، وبين إقامة شرائعهم وفعل ما يستبيحون فعله في أديانهم، فإذا قالوا: إن من ديننا جواز بيع عراص الكنائس والحوائط المحبسة عليها جاز ابتياع ذلك منهم كما يجوز ابتياع أرض من مات، وماله ممن قالوا: إن هذا هو وارثه في ديننا، وإن كان غير وارث عندنا، وسنتكلم في رواية أصبغ على وجه منعه من ذلك إذا مررنا بذلك إن شاء الله، وأما أرض العنوة، فلا يجوز لهم أن يبيعوا منها شيئا؛ لأن جميعها فيء الله على المسلمين: الكنائس وغيرها، وقد اختلف إذا تركوا فيها لعمارتها، فقيل: إنها تهدم، وقيل: إنها لا تهدم، ويباح لهم عمارتها على أنها ملك للمسلمين لا لهم، وبالله التوفيق.
ومن كتاب الجواب وسألته عن الأسير من العدو يصير لرجل من المسلمين، فيفدي نفسه من سيده بوصيفة يدفعها إليه، فتستحق حرة يستحقها رجل أنها ابنته أصابها العدو، وقد لحق الأسير بأرضه أو لم يلحق، قال ابن القاسم: الجارية حرة ثم لا يتبع بشيء قليل ولا كثير؛ لأن الأسير وماله للمسلمين، فإن كان في ماله أحرار أو حرة وقد كان أحرزهما