افدني، وأعطيك الفداء، فيكون من جنس السلف، وظاهر قول ابن حبيب: أنه يرجع عليها بما فداها به إذا فداها بأمرها، وإن لم تقل له افدني وأنا أعطيك الفداء خلاف ما ذهب إليه فضل، وكذلك إذا فدى من بلاد الحرب من يعتد عليه، وهو عالم لا يرجع علميه بما فداه به على معنى ما في المدونة إذا كان معه في الكتابة، فأداها أنه لا يرجع عليه بشيء، وهو قول ابن حبيب في الواضحة أيضا إلا أن يفديه بأمره، فيرجع عليه، واختلف إذا فداه وهو لا يعلم أنه ممن يعتق عليه، فقال ابن حبيب: إنه لا يرجع عليه بخلاف الزوجة، وقال سحنون: إنه يرجع عليه كالزوجة، وأما ذوو المحارم الذين لا يعتقون عليه، فجعل ابن حبيب في الواضحة سبيلهم كسبيل الزوجين لا يرجع من فدى منهم صاحبه من بلد الحرب، وهو عالم به عليه بما فداه به إلا أن يأمره بذلك، وعلى معنى ما في المدونة في الذي يؤدي كتابته، ومعه فيها من ذوي محارمه من لا يعتق عليه أنه يرجع عليه إذا فداه من بلد الحرب علم به، أو لم يعلم أمره، أو لم يأمره كما لأجنبيين، وأما ذوو الرحم الذين ليسوا من ذوي المحارم، فلا اختلاف أعلمه في أنهم كالأجنبي، فهذا تحصيل القول في هذه المسألة على المذهب، وقد مضى في أول سماع أشهب من كتاب الجهاد ما في خارجه من الخلاف في ذلك.
ومن كتاب أوله يدبر ماله وسئل ابن القاسم عن النفر من العدو ينزلون بأمان، فإذا فرغوا سرقوا عبيد المسلمين أو بعض الأحرار، واحتملوهم فذهبوا بهم، ثم رجعوا وهم معهم، فنزلوا على أمان، ولم يعرفوا فأرادوا أن يبيعوهم، قال: لا يتركوا وذلك، وأرى أن ينزعوا منهم، ولا يتركوا أن يبيعوا الأحرار، ويطؤا المسلمات، فكلم في ذلك، وقيل: إنهم قد صاروا حربا حين رجعوا إلى بلادهم، وقد حازوهم، واستأمنوا فنزلوا على أمان، فهو بمنزلة ما حازوا من أموال المسلمين، ثم استأمنوا وهو في أيديهم، فأبى ذلك وقال: ينتزعون منهم ولا يتركون أن يطئوا المسلمات ويبيعوا