بحساب ذلك الموضع الذي صد فيه، ويأتي على هذا أنه لو أفسد الحج بإصابة أهله أو فاته بخطأ عدد لوجب أن يرد المال ولم يجز أن يقضي الحج في سنة أخرى؛ لأن الاستئجار لما انفسخ بذهاب السنة التي وقع الاستئجار لها ووجب عليه رد المال لم يجز أن يفسخ في حج سنة أخرى؛ لأنه فسخ الدين في الدين، وأما إن أحصر بمرض حتى فاته الحج فلم يقع لذلك جواب في المدونة، ويحتمل أن يفسر مذهب ابن القاسم فيها بما قال ابن حبيب في الواضحة من أنه تكون نفقته على نفسه ما أقام مريضا حتى يأتي البيت فيحل به، ولا يجزي الحجة عن الميت، ولا يكون عليه هو شيء؛ لأنه قد بلغ إلى مكة، وزاد على ما استؤجر عليه بقاؤه محرما مريضا حتى وصل البيت، وبالله التوفيق.
مسألة قال ابن القاسم: قد حججت حججا ما تمتعت قط ولا قرنت.
قال محمد بن رشد: هذا يدل من قوله وفعله على أن الإفراد بالحج أفضل من التمتع ومن القران، وهذا هو مذهب مالك على ما روي عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفرد الحج» وقد اختلفت الآثار بما كان له محرما - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حجته التي حج فيها بعد أن فرض الحج وهي حجة الوداع، فروي أنه أفرد الحج، وروي أنه قرن، وروي أنه تمتع، بآثار [ثابتة] صحاح لا مطعن لأحد فيها، فمن ترجح عنده فيها أنه كان مفردا رأى الإفراد أفضل، وإلى هذا ذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ومن ترجح عنده منها أنه كان قارنا رأى القران أفضل، ومن ترجح عنده منها أنه كان متمتعا رأى التمتع أفضل، ومن أهل العلم من ذهب إلى أنه لا فضل لواحد منها على الآخر، إذ