في ذمته فإنما يلزمه غرم المال، ولا يجوز أن يحج ثانية عن الميت بما عليه من المال؛ لأنه فسخ الدين في الدين، فالواجب أن يؤخذ منه المال، فإذا أخذ منه دفع إليه أو إلى غيره، إما على الإجارة أو على البلاغ، فالمسألتان مستويتان في وجوب الضمان، ويفترقان فيما يضمن، فيضمن في الإجارة الحج، وفي أخذ المال على البلاغ المال، فكلامه ليس على ظاهره، ووجهه الذي به يستقيم هو أنه أجاب عن الإجارة التي سأله عنها بقوله: أرى عليه القضاء بحجة صحيحة من ماله، تم جوابه هاهنا.
ثم استأنف كلاما آخر فقال: استؤجر عليها مقاطعة أو دفع إليه على البلاغ، فذلك واحد، يريد أن ذلك واحد في وجوب الضمان، وإن افترق الوجهان فيما يضمن فيهما، وفي قوله بعد ذلك: وإن كان إنما أصابه أمر من الله تعالى لم يكن من قِبَله مثل أن يمرض أو ينكسر، يريد: فيفوته الحج وقد أخذ المال على البلاغ فإنه يقضي ذلك الحج عن الميت هو أحب إليّ، إشكال إذ لم يبين من مال من يكون القضاء ولا تقيد ضبط يقضي في الرواية إن كان يقضي أو يقضى على لفظ ما لم يسم فاعله. فقرأ ابن لبابة: يقضي. وقال في المنتخب: معناه أن الذي أخذ المال على البلاغ يقضي من مال الميت لا من مال نفسه، وحسبه أن يتولى هو القضاء بنفسه، استحب ذلك له ابن القاسم، فصرف قوله "هو أحب إلي" إلى توليه القضاء بنفسه، وأوجب النفقة في ذلك في مال الميت، وفي هذا بُعدٌ؛ لأن القضاء إذا كان من مال الميت ولم يلزمه هو ضمان فلا وجه لاستحسان ولايته هذا القضاء، هو وغيره في ذلك سواء، ولعل غيره بذلك أحق وأولى، والصواب أن تقرأ الكلمة: يقضى، على لفظ ما لم يسم فاعله، فيكون المعنى في ذلك: أن الورثة يقضون الحج عن الميت من أموالهم؛ لأنهم ضامنون للمال إن كان الميت أمرهم بالاستئجار، فدفعوه على البلاغ، أو لم يبين لهم كيف يدفعونه فتركوا أن يدفعوه على الإجارة ودفعوه على البلاغ، أو من مال الميت إن كانوا