وهو معتم بعمامة سوداء، وإلى هذا ذهب ابن شهاب، ولا حجة له في ذلك، إذ قد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنه إنما أحلت له ساعة من النهار ثم عادت كحرمتها من يوم خلق الله السماوات والأرض» ، إلا أنه تأول أن الذي أحل له في تلك الساعة خاصة إنما هو القتال، وأما دخولها حلالا فهو حل له ولمن شاء من جميع الناس. ومن أهل العلم من أجاز ذلك لأهل مكة خاصة. ومنهم من أجاز ذلك لمن كان منزله دون الميقات، وتعلق بفعل ابن عمر، إذ قد رجع من قديد فدخل مكة بغير إحرام، وهو تعلق ظاهر؛ إذ لا فرق في القياس والنظر بين أن يرجع لعارض عرض له أو لأمر رآه، إلا أنه قد جاء عن ابن عباس خلاف ذلك، مثل ما ذهب إليه مالك، ومنهم من أجاز ذلك لمن كان منزله الميقات فما دونه، وبالله التوفيق.
ومن سماع محمد بن خالد من ابن القاسم وسئل ابن القاسم: عن الرجل يكون له القرية ليس له غيرها، أيبيعها في حجة الإسلام ويترك ولده لا شيء لهم يعيشون به؟ فقال ابن القاسم: نعم، ذلك عليه ويترك ولده في الصدقة.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال من أن الرجل يلزمه أن يبيع ضيعته في الحج؛ لأن الله أوجبه عليه، فوجب عليه أن يبيع فيه من ماله ما يبيعه عليه السلطان في الدين. وأما قوله: ويترك ولده في الصدقة، فمعناه: إذا أمن عليهم الضيعة ولم يخش عليهم الهلاك إن تركهم؛ لأن الله أوجب عليه نفقتهم في ماله كما أوجب عليه الحج فيه، فهما حقان لله عز وجل تعينا عليه في ماله، فإذا ضاق عنهما ولم يحمل إلا أحدهما وجب أن يبدأ بنفقة الولد؛ لئلا يهلكون؛ لأن خشية الهلاك عليهم يسقط عنه فرض الحج، كما [لو] خشي الهلاك