قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة لا اختلاف فيها في المذهب إذ لم يوص أن يمشى عنه، وإنما أوصى أن ينفذ عنه ما وجب عليه في ذلك، ولو أوصى أن يمشى عنه لما نفذت وصيته بذلك عند مالك خلافا لسحنون، وقد مضى القول في ذلك في رسم حلف الأول من سماع ابن القاسم.
مسألة وسألت سحنون: هل للمحرم أن يسافر اليوم واليومين والثلاثة؟ قال: نعم، وليس هو مثل المعتكف.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن المحرم له أن يتصرف في حوائجه ويبيع ويشتري في الأسواق، قال تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] الآية، يريد التجارة في مواسم الحج، فحاله خلاف حال المعتكف في السفر أيضا إن أراده، والله الموفق.
مسألة قلت: فالمحرم يدخل مكة متمتعا في أشهر الحج، ثم تعرض له الحاجة بعد إحلاله من عمرته إلى مثل جدة والطائف، فيخرج إليها، أرأيت إذا رجع من سفره ذلك إلى مكة أيدخل بإحرام أم بغير إحرام؟ قال: إن كان حين خرج إلى سفره ذلك نوى الرجوع إلى مكة من عامه، ليحج من عامه ذلك، فليس عليه أن يدخل بإحرام، مثل ما قال مالك في الذين يختلفون إلى مكة بالحطب والفاكهة: إنهم لا إحرام عليهم، وإن كان ممن خرج إلى سفره