قال محمد بن رشد: قوله: وما صار من ذلك [إلى] الطعام أو الصيام فإنه يفعله حيث شاء هو نص قول مالك في الموطأ، فما زاد بعد ذلك من قوله إنه إن أراد أن يطعم بغير البلد الذي أصاب فيه الصيد فيشتري بما تشرى المكيلة التي حكم بها عليه في البلد الذي أصاب الصيد فيه طعاما بالبلد الذي يريد أن يطعم به كان ذلك أقل من المكيلة التي حكم بها عليه أو أكثر هو تفسير لقول مالك في الموطأ ولما في المدونة أيضا؛ لأن معنى قوله فيها ليس له أن يطعم في غير ذلك المكان، أي ليس له أن يطعم المكيلة التي حكم عليه بها في غير ذلك المكان ليرتفق برخص الطعام فيه بدليل قوله: يحكم بالطعام بالمدينة ويطعمه بمصر إنكارا لمن يفعل ذلك، فلا يجزي من فعله.
قال ابن حبيب: إنه إن لم يطعم بالموضع الذي حكم به عليه أو فيما قاربه فليخرجه على أرخص السعرين، وهو احتياط واستحسان من نحو قوله فيمن وجبت عليه زكاة دينار فأراد أن يخرج عنها دراهم: أنه يخرج قيمتها من الدراهم إلا أن يكون قيمتها أقل من عشرة دراهم بدينار، فلا ينقص من ذلك شيئا، وسائر ما في الرواية صحيح مثل ما في المدونة وغيرها لا إشكال فيه ولا كلام، والله أعلم.
ومن سماع سحنون وسؤاله ابن القاسم قال سحنون: وسألت ابن القاسم عن الذي يقول: علي هدي عبد أو ثوب، قال: ينظر إلى أوسط الثياب أو العبيد وعلى قدر ما يرى، فيبعث بثمنه فيشتري بثمنه هديا.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأنه لما لم يسم في ذلك قيمته وجب أن يرجع فيه إلى الوسط، كمن تزوج بأروس ولم يصفها، أو كاتب عبده على أروس بغير صفة.