كتابه، وبذلك قال ابن نافع، وإليه ذهب عبد الوهاب، ومنهم من ذهب إلى أن من صاد فيه حل سلبه لمن وجده. روي أن سعد بن أبي وقاص وجد عبدا لقوم يصيد في حرم المدينة فأخذ سلبه، فأتاه قوم فكلموه في أن يرد عليهم سلبه فأبى وقال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ لما حد حرم المدينة قال: «من وجد من يصيد فيه فله سلبه، فلا أرد عليكم طعمة أطعمنيها رسول الله، ولكن إن شئتم غرمت لكم سلبه فعلت» . وذهب مالك إلى أن الصيد فيه أخف من الصيد في حرم مكة، فلم ير على من صاد فيه إلا الاستغفار والزجر من الإمام. قيل له: فهل يؤكل الصيد يصاد في حرم المدينة؟ قال: ما هو مثل ما يصاد بحرم مكة، وإني لأكرهه، فروجع فيه فقال: لا أدري، ومن الدليل لقول مالك على أن الصيد في حرم المدينة ليس كالصيد في حرم مكة، ما روي عن عائشة أنها قالت: «كان لآل رسول الله صلى عليه وحش فإذا خرج لعب واشتد وأقبل وأدبر، فإذا أحس برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ قد دخل ربض فلم يترمرم كراهيته أن يوذيه» . وما روي عن أنس بن مالك قال: «كان لأبي طلحة ابن من أم سليم يقال له أبو عمير، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ يضاحكه فدخل يوما فرآه حزينا، فقال: ما شأن أبي عمير؟ فقيل: يا رسول الله مات نغيره، فقال: "يا أبا عمير ما فعل النغير؟» ، ومثل هذا لا يباح في حرم مكة.
مسألة قال أشهب: قلت لمالك: فرفع الصوت بالتلبية؟ قال: نعم يرفع صوته بالتلبية، ولا أرى أن يصيح جدا حتى يعقر حلقه، ووسط من ذلك يجزيه إن شاء الله، وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: