قال محمد بن رشد: هذا مثل ما تقدم في آخر رسم طلق من سماع ابن القاسم أن الكري يحبس على المرأة إذا نفست كما يحبس في الحيضة في الحج والعمرة، وقد مضى هناك القول على [ذلك] والأصل في وجوب حبسه عليها قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في صفية حين قيل له: إنها قد حاضت: «لعلها حابستنا، فقالوا: يا رسول الله إنها قد طافت، قال: فلا إذن» . وإنما لم يحبس عليها إذا حاضت قبل العمرة التي اشترطت عليه، كما يحبس إذا حاضت قبل طواف الإفاضة في الحج؛ لأنها تقدر على الخروج وترك العمرة إذ لم تهل بها بعد، ولا تقدر على الخروج وترك طواف الإفاضة. ولم يجب مالك في حكمها مع الكري في ذلك إذا لم يحبس عليها، وأنكر السؤال عن أن يوضع عنها قدر العمرة من الكراء، فقال: لا أدري ما هذا! إذ لا يصح أن تجبر على الخروج معه وتترك العمرة، وهي عليها سنة واجبة، وعند بعض العلماء فريضة لازمة، ولعلها قد نذرتها فتكون قد وجبت عليها بإجماع، فإذا لم يصح أن تجبر على الخروج مع الكري إلى بلدها وهي حائض وأبى الكري من الصبر عليها حتى تطهر، فالواجب أن يفسخ الكراء بينهما فيما بقي، ويكون للمكرِي من كراء قدر ما مضى، فهذا هو وجه الحكم في هذا، وبالله التوفيق.
مسألة وسئل مالك: عن قول الله تبارك وتعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] ... الآية، أذلك الزاد والراحلة؟ فقال: لا والله، وما ذلك إلا على طاقة الناس، الرجل يجد الزاد والراحلة ولا يقدر على