الثلاثة، قد أعتق عمر بن الخطاب عبيدا من أولاد الزنا، ولو كان خبيثا ما فعل، وهو كما قال؛ لقوله عز وجل: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] ، وقوله: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 15] ، وقد قيل: إن المعنى في ذلك أنه حدث من شر الثلاثة أبوه وأمه والشيطان الذي أغواهما، لا أنه في نفسه شر، والأول أولى؛ لأن ذلك مروي عن عائشة، وأما قوله: لا يدخل الجنة ولد زنية، فالمعنى في ذلك من كثر منه الزنا حتى نسب إليه كما ينسب إلى الشيء من كثر منه وتحقق به، فيقال لمن كثر منه الحذر: ابن إحذار، ولمن كثر منه السفر: ابن سبيل، وللمتحققين بالدنيا بني الدنيا، ومثل هذا كثير، وعليه يحمل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في عتق ولد الزنا: إنه لا خير فيه.
مسألة قال مالك: لا بأس أن تختضب المرأة المحرمة، وتمتشط بالحناء قبل الإحرام ثم تحرم.
قال محمد بن رشد: إنما أجاز لها ذلك مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - عند الإحرام قبل أن تحرم، وهو لا يجيز للمحرم أن يطيب قبل الإحرام بشيء يبقى ريحه بعد الإحرام؛ مراعاة لقول من يجيز ذلك؛ لقول عائشة: «طيبت رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت» ؛ إذ الحناء ليست من المؤنث من الطيب، كما أنه لا يرى الفدية على من تطيب لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت، وإن كان لا يجيز ذلك مراعاة لما جاء في ذلك.