في ذلك العام، وفي بعض الروايات خرج يريد الحج، والصحيح خرج يريد التمتع؛ لأن من خرج يريد الحج، فألفى الناس قد فرغوا من الحج، لا إشكال في أنه لا شيء عليه إن كان لم يحرم، وإن كان قد أحرم، فلا بد له من قضاء الحج الفائت، وعليه الهدي.
مسألة قلت لابن القاسم: لو هلك رجل بالفسطاط، وأوصى أن يحج عنه، فدفع عنه إلى رجل ليحج عنه، ولم يشترطوا عليه أن يحرم من ذي الحليفة أو غيرها، فخرج فأحرم عن نفسه من ذي الحليفة بعمرة، وحج عن الميت من مكة؟ قال: أراه ضامنا للحجة، أو يرد المال، ولا أبالي اشترطوا عليه الإحرام أو لم يشترطوا؛ لأن من دفع إليه مالا ليحج به عن ميت، فليحرم من ميقات الموضع الذي يحج منه.
قال محمد بن رشد: قوله: إنه ضامن، وإن لم يشترطوا عليه الإحرام من ذي الحليفة، هو القول الذي رجع إليه ابن القاسم في المدونة، وكان أولا يقول: إنه لا ضمان عليه إلا أن يشترط عليه الإحرام من ذي الحليفة، وفي أصل السماع أنه لا ضمان عليه، وإن اشترطوا عليه أن يحرم من ذي الحليفة، ولا حجة للمستأجر عليه في أن قدم بين يدي حجه عمرة، وإن اشترط عليه ألا يفعل وهو بعيد، فهي ثلاثة أقوال؛ أبينها القول الذي رجع إليه ابن القاسم في المدونة، وهو قوله في هذه الرواية، وقوله أراه ضامنا للحجة أو يرد المال ليس معناه أنه مخير في ذلك، وإنما معناه أنه ضامن للحجة إن كان أخذ المال على الإجارة، إذ لم تقع الإجارة على أن يحج عليه في ذلك العام بعينه، وإن قال: استأجرك على أن يحج عنه في هذه العام، فلا يتعين بذلك العام، كمن استأجر سقاء على أن يسوق له اليوم قلة ماء، فإن لم يسقها ذلك اليوم وجب عليه أن يسوقها في اليوم الذي بعده، وإن استأجره على الحج