إن أكلهن كلهن لا يصلح؛ لأن بعضه سقى بعضا، صحيح للعلة التي ذكرها من سقي النجس منها للطاهر؛ لأنه يرشح في الصلق، وهذا يرد قوله في سماع موسى بن معاوية في كتاب الوضوء: إن اللحم إذا طبخ بالماء النجس يغسل ويؤكل، وقد مضى هنالك من القول على ذلك ما فيه كفاية، وكذلك البيضة تخرج من الدجاجة الميتة لا تؤكل مخافة أن يكون سقتها الميتة، قاله مالك في المدونة، وقال ابن نافع: لا بأس بها، يريد إذا اشتد قبضها، ولها وجه ظاهر وهو أن الميتة لا تسقي البيضة بعد موتها؛ لأنها تبرد بالموت فلا يسري إليها منها شيء كما ألقيت البيضة بقشرها في دم أو بول بارد، بخلاف الصلق في الماء النجس، وأما كراهيته الشرب في أقداح بيض النعام التي تخرج منها الميتة فصحيح على مذهب مالك في كراهيته الامتشاط بعظام الميتة والادهان بمداهنها، وقد أجاز ذلك جماعة من السلف منهم عروة بن الزبير وابن شهاب وربيعة وقتادة والليث، وأخذ به ابن وهب ومطرف وابن الماجشون وأصبغ، وروي عن ابن شهاب أنه قال: كان سلف هذه الأمة من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمتشطون بأمشاط عظام الفيل ويدهنون بمداهنها لا يرون بذلك بأسا، وجعل ابن وهب تلقيتها في الماء كالدباغ في الجلد وأجاز بيعها، وقشرة بيض النعام التي يخرج منها الميتة محمولة على ذلك بالمعنى والقياس، إذ لا فرق بينه وبينها.
من نوازل سئل عنها سحنون مسألة وسئل عن الفريقين يشتركان في الأضحيتين في اشترائهما، فإذا أرادا أن يضحيا اقتسماهما فقال أحدهما: أنا أضحي بهذه وأنت بهذه فضحيا كذلك وقد استويا جميعا في السمانة، قال: لا بأس بذلك، قيل: فلو كانت إحداهما أسمن من الأخرى؟ فقال: أكره ذلك