مسألة قال: وسمعت مالكا قال: لا تجز الضحية بعد أن تسمى قبل أن يذبحها؛ لأن ذلك ينقص من ثمنها، ولكن إذا ذبحت فيجزها إن شاء لنفسه، فإنما هي بمنزلة اللحم، قال ابن القاسم: وسمعت مالكا يقول: فإن جزها، ثم ذبحها لم يعد لغيرها وبئس ما صنع ولينتفع بصوفها ولا يبعه، قال سحنون: ولو باع الصوف لم أر بأسا أن يأكل ثمنه إذا كان جزه قبل الذبح، فإن جزه بعد الذبح فلا يأكله.
قال محمد بن رشد: الضحية عند مالك لا تجب أضحية وتصير نسكا إلا بالذبح، وإن اشتراها ليضحي بها وسماها أضحية، فلا يجب عليه بذلك ذبحها، وله أن يبدلها بخير منها، فكراهيته لها أن يجز صوفها من نحو كراهيته له أن يبدلها بدونها، ويستفضل من الثمن، وذلك بين من قوله: لأن ذلك ينقص من ثمنها، وقوله: إن جزها فلينتفع بصوفها ولا يبعه، يريد أنه يؤمر بذلك استحبابا كما يؤمر أن يتصدق بما استفضل من ثمنها إذا باعها واشترى غيرها؛ لأن ذلك عليه واجب، وإنما يستحب له ذلك لئلا يرجع عما نوى من الخير، قال إسماعيل القاضي: ولو اشترى الرجل أضحية، فقال: قد أوجبتها أضحية لوجب عليه ذبحها ولم يكن له بيعها، قال غيره: وتكون بذلك كما أشعر وقلد من الهدي في جميع الأمور إن تعدى عليه أحد فذبحه أجزأ عن صاحبه، وإن أصابه عيب لم يضره، وهو بعيد؛ لأنه يلزم عليه إن مات قبل أن يذبحه أن يجزيه ولا يكون عليه أن يعيد بأضحية أخرى على القول: بأن الضحية غير واجبة، وأما التسمية من غير إيجاب فلا يحرم عليه بيعها ولا بدلها، فقول سحنون: ولو باع الصوف لم أر بأسا بأكل ثمنه يريد أنه لا حرج عليه في ذلك إن فعل، فهو تفسير لقول مالك والله أعلم.