علي عهد الله وأشد ما اتخذ أحد على أحد أن عليه في العهد كفارة يمين وليس عليه في أشد ما أخذ أحد على أحد إلا كفارة يمين؛ لأن لفظ أشد ما اتخذ أحد على أحد لفظ إفراد فحمله ابن القاسم في هذه الرواية على توثق واحد بأيمان البيعة التي كانوا يؤخذون بها لأنه المفهوم عنده من ذلك، وحمله ابن وهب في رواية زونان عنه على يمين واحد ورآها اليمين بالله تعالى لأنها أعظم الأيمان قدرا وأشدها على من تهاون بها وأثم فيها، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار» ، وجاء في الحديث في اليمين الغموس إنها من الكبائر وأنها تذر الديار بلاقع، فرأى شدتها في الكذب فيها والمخادعة بها وترك تعظيمها لا فيما يلزم الحنث فيها من الكفارة فهذا وجه قول ابن وهب، والله أعلم.
مسألة قال ابن القاسم: ولا تكون الثنيا إلا ما حرك به لسانه والنية تنفعه وإن لم يحرك به لسانه ومثل ذلك في النية أن يقول امرأته طالق البتة إن دخل دار فلان ولا كلم فلانا فكلمه بعد شهر وقال: إنما نويت شهرا، قال مالك: إن كانت عليه بينة فرق بينه وبينها، وإن أتى مستقيما وذكر أنه إنما نوى شهرا دين وكان القول قوله، والثنيا أن يقول: إن كنت صحبت اليوم قرشيا ويستثني في نفسه إلا فلانا وإن كنت أكلت اليوم طعاما ويستثني في نفسه إلا لحما فامرأته طالق فهذا لا ينفعه إلا أن يحرك به لسانه فإن لم يحرك به لسانه وإنما هي ثنيا في نفسه حنث فما ورد عليك من هذه الأشياء بعضه على هذين الوجهين.
قال محمد بن رشد: تفرقته في النية والثنيا في اليمين صحيحة لأن النية هي أن يريد الرجل بيمينه ما يحتمله كلامه وإن كان مخالفا لظاهره فإذا عقد يمينه على ما نواه صحت له نيته وإن لم يحرك بها لسانه على ما ذكر،