وقال مالك فيمن سيم بسلعة له، فأعطي بها عشرة، فقال: والله ما قامت علي بعشرة، وقد قامت عليه بدون العشرة، فلا ينبغي إلا أن يكون ينوي الكراء والمؤنة، فذلك له مخرج وإن لم يسمه.
قال محمد بن رشد: الأصل في معرفة ما يحتاج فيه من ذلك إلى النية مما لا يحتاج فيه إلى النية أن ما كان في السلعة عينا قائمة يحسب في المرابحة، ويحسب له ربح كالصبغ والكمد والفتل، وما أشبه ذلك، فهذا لا يحنث إن قامت عليه السلعة دون أن يحسب هذه الأشياء بدون العشرة إذا كانت قد قامت عليه بها بفوق العشرة، وإن لم تكن له نية، وأما ما سوى ذلك مما يحسب في أصل الثمن، ولا يحسب له ربح، أو لا يحسب رأسا فهو حانث، إلا أن ينويه، ولو كانت يمينه بغير الله مما يقضى به عليه؛ لوجب على أصولهم ألا ينوى إلا فيما يحسب ولا يحسب له ربح، إلا فيما لا يحسب رأسا كنفقة نفسه، وكراء ركوبه، وما أشبه ذلك.
مسألة قال مالك: من حلف ألا يدخل بيتا بليل، فدخل بعد الفجر لم يحنث، وإن كان قد قال نهارا فقد حنث.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن النهار في الشرع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إن بلالا ينادي بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم» ، فبين بذلك أن طلوع الفجر آخر الليل وأول النهار، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: