بذلك، وهو قول يحيى بن سعيد في المدونة: ولعمري إنه للحق على المسلمين ألا ينزلوا بأحد من العدو في الحصون ممن يطمعون بهم، ويرجون أن يستجيب لهم إلا دعوه. وقد قيل: إنه إنما يجب عليهم إذا أيقنوا أنهم إن دعوهم أجابوهم لخوفهم من تغلب المسلمين عليهم، وأما إن لم يوقنوا بذلك ورجوه استحبت لهم الدعوة، وإن علموا أنهم لا يجيبونهم جازت لهم ولم تستحب، والذي يأتي على مذهب مالك أنها غير واجبة، وإن أيقنوا بإجابتهم، وهو قول سحنون في كتاب ابنه؛ لأنه أنكر التفرقة وقال: إن وجبت فعلى الجميع، وإن لم تجب سقطت في الوجهين يريد أن تسقط في هذا القسم عن الجيوش كما تسقط عن السرايا، وأنها تجب في القسم الأول والثاني، أو في القسم الثاني إن سقط القسم الأول على السرايا كما يجب على الجيوش والصوائف، وأما إن شك في بلوغ الدعوة إليهم فمن بعد عن الدرب محمولون على أن الدعوة لم تبلغهم لم يختلف في ذلك قول مالك، واختلف قوله فيمن قرب من الدروب في المدونة، فمرة حملهم على أن الدعوة لم تبلغهم، فأوجب دعاءهم قبل القتال، ومرة حملهم على أن الدعوة قد بلغتهم، فلم يوجب دعاءهم قبل القتال، فهذا وجه اختلاف قول مالك في المدونة، والله أعلم، وإذا سقطت الدعوة، ووجب القتال لم يؤذنوا، واستعمل في حربهم ما أمكن من المكر والخديعة، فقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الحرب خدعة» .
مسألة قيل لأصبغ: فلو أن عبدا من المغنم أبق ولحق بدار الحرب ثم غنم، أيكون غنيمة مبتدأة أم يرد إلى الغنيمة الأولى؟ قال: بل يرد إلى الغنيمة الأولى الذين كانوا غنموه، ولا يكون فيه إلا خمس واحد، ولا يكون لهؤلاء الذين غنموه آخرا قليل ولا كثير، إلا أن يكون إباقه