نسائهم ولا ذريتهم، وتركوا على حالهم، وذمتهم؟ وإن تحملوا إلى أرض الحرب بذريتهم ثم ظهر عليهم، لم يستحل منهم شيء من الأشياء - كما فسرت لك - إذا كان الإمام غير عدل؛ إلا أن يعينوا على المسلمين بعد دخولهم إلى العدو، أو يقاتلوا مع العدو فيستحلون بفعلهم ذلك، ويسن بهم وبذراريهم عند ذلك سنة أهل الحرب؛ لأنهم قد صاروا حينئذ حربا وعدوا.
قال محمد بن رشد: اتفق أصحاب مالك على اتباع قول مالك في أن أهل الذمة إذا نقضوا العهد، ومنعوا الجزية، وخرجوا من غير عذر، أنهم يصيرون حربا وعدوا، يسبون ويقتلون، إلا أشهب في المدونة، فإنه قال لا يعود الحر إلى الرق، وما اتفق عليه مالك وأصحابه أصح في النظر من قول أشهب؛ لأن الحرية لمن تثبت لهم بعتاقة من رق متقدم، فلا ينقض، وإنما تركوا على حالهم من الحرية التي كانوا عليها آمنين على أنفسهم ودمائهم بين أظهر المسلمين، بما بذلوه من الجزية عن يد وهم صاغرون مساناة ما بذلوها، لقول الله عز وجل: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ} [التوبة: 29]- الآية. فإذا منعوا الجزية لم يصح لهم العوض، وكان للمسلمين الرجوع فيه. وذلك أيضا كالصلح ينعقد بين أهل الحرب وبين المسلمين على شروط، فإذا لم يفوا بها، انتقض الصلح بقول الله عز وجل: {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} [الفتح: 10]- الآية. وكمن اكترى دارا