أهل بلد قد عودوا الاختلاف لما ادعوه من الفداء، أو التجارة، أو الاستئمان، قبل قولهم، أو ردوا إلى مأمنهم، وإلا فهم فيء للمسلمين، وإلى هذا ذهب ابن حبيب في الواضحة، وعزاه إلى مالك من رواية المدنيين والمصريين، وهو قول ربيعة في المدونة، وسحنون في سماعه بعد هذا، وعيسى في تفسير ابن مزين، وإليه نحا ابن القاسم فيه، وأما إن أظهروا ما ادعوا قبل أن يؤخذوا، وقبل أن يصلوا إلى بلاد المسلمين، فلا اختلاف في أنهم لا يسترقون، ويقبل منهم ما ادعوا، أو يردوا إلى مأمنهم.
مسألة وسألته عن الطير والحيتان تصاد في أرض العدو، وتباع، هل يجعل أثمانها في المقاسم، أم هي لمن أصابها؟ قال ابن القاسم: بل تدفع في المقاسم لا شك فيه، ولا يحل غيره، وإن أراد أن يخرج بالطير حيا، فإن كانت من الطير التي لها الأثمان للاصطياد، وما أشبه ذلك، لم يخرج بها، وردها في المقاسم، وإن كانت طيرا للأكل وأراد أن يتزود منها أو من الحيتان ما يبلغه، فلا بأس بذلك؛ فإن فضلت معه فضلة منها بعد رجوعه، باعها وتصدق بثمنها؛ إلا أن يكون ذلك الشيء يسيرا تافها لا قدر له، فلا أرى عليه بيعه، ولا بأس عليه في أكله في أهله.
قال محمد بن رشد: حكم ابن القاسم في هذه الرواية لما صاد الرجل في بلاد الحرب من الحيتان والطير - بحكم طعام العدو الذي قد حازوه وملكوه، فكذلك على هذه الرواية ما كان له ثمن من أشيائهم المباحة،