{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ} [الحشر: 6]- إلى قوله سبحانه: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [الحشر: 6] . من ذلك أموال بني النضير - كانت صافية لرسول الله، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فكان ينفق منها على أهله نفقة سنة، ويجعل ما بقي في الخيل والكراع؛ فكذلك هداياهم إنما كانت تأتيه إجلالا له لحرمته وهيبة النبوءة، وما خصه الله به من الرعب لا لهيبة السلطان؛ إذ لو زال عنه السلطان، لما نقصت حرمته وهيبته، لما خصه الله به من النبوة والكرامة والمنزلة الرفيعة، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ - وجميع الرسل؛ وقد روي أن عياض بن حمار - وكان حرمي رسول الله - أهدى له هدية فردها، وقال: إنا لا نقبل رفد المشركين. فقيل: إنما رد على عياض بن حمار هديته، وقبل من غيره من الكفار؛ لأن عياض بن حمار كان من المشركين الذين لا يؤمنون بالبعث، فهم في العرب كالمجوس في العجم، لا تؤكل ذبائحهم، ولا تنكح نساؤهم. وغيره ممن قبل الهدية منهم، كانوا أهل كتاب، وقد قال الله فيهم: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ} [العنكبوت: 46]- الآية. فكان قبول هديتهم أحسن من ردها، وقيل كان ذلك قبل أن ينزل الوحي عليه بقوله عز وجل: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ} [الحشر: 6]- الآية - والله أعلم. وأما الرجل من الجيش تأتيه الهدية في أرض الحرب من بعض قرابته وما أشبه ذلك، فلا اختلاف - أعلمه - في أنها له.