جهاد المصيصة أعجب إلي من الرباط، إلا إذا خيف على موضع الرباط، ولم يكن فيه غناء، وقد قيل: إن قول ابن عمر حين دخل الجهاد ما دخل، والتأويل الأول أولى - والله أعلم، وإنما كره مالك الغارات في الرواية استثقالا لاسمها لا لمعناها إذا كانت على وجهها، وهذا نحو من «قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لما سئل عن العقيقة: لا أحب العقوق» كراهية الاسم. وقال: «من ولد له ولد، فأحب أن ينسك عن ولده فليفعل» .
مسألة وسئل مالك عن الإبرة أهي من الغلول؟ فقال إن كان ينتفع بها، فلا أرى ذلك - يعني لا بأس بالانتفاع بها، كما ينتفع بالجلود للنعل والخف وما أشبهه يرفع به ذلك.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: أن الإبرة إذا أخذها للانتفاع بها - ولم يأخذها مغتالا لها، فليست من الغلول، وليس عليه إذا قضى حاجته بها أن يردها في المغانم، إذ لا قيمة لها ولا يقبلها منه صاحب المغانم؛ وقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أدوا الخياط والمخيط» . كلام خرج منه على التحذير من قليل الغلول وكثيره، إلا أن هذا القدر على الحقيقة يلزم أداؤه ورده إلى الغنيمة، وقد قال مالك في رسم "كتاب الغزو" من سماع أشهب في الذي يأتي بالكبة من الخيط يشتريها بدانق فيطرحها في المقاسم، هذا شيء يراءون به،