وقسم ثمنه، فلو لم يكن مع أحد من أهل الجيش فضل مال، لما أمكنه أن يقسم ما لا ينقسم، إلا بعد الخروج إلى قاعدة يكون فيها الأسواق، ويمكن فيها البيع؛ وفي ذلك ضرر على الجيوش لما لهم من الرفق في تفرقهم من طريقهم إلى بلادهم، وترك رجوعهم إلى بلد واحد؛ ولهذا المعنى قال ابن حبيب: إنه لا ينبغي للإمام أن يبيع شيئا من متاع الغنيمة الذي لا ينقسم، إلا بالنقد إلا أن يرى في ذلك ضررا على الناس فيبيع ويكتب على المبتاعين الأثمان حتى يخرجوا، ثم يتقضاها منهم ويقسمها بين الناس قبل أن يتفرقوا.

[مسألة: يعطي الذهب في سبيل الله فتفضل الفضلة أيردها إلى أهلها]

مسألة وسئل مالك عن الرجل يعطي الذهب في سبيل الله، أو في حج يحج به فتفضل الفضلة؛ أيردها إلى أهلها؟ أم كيف يصنع؟ قال: أرى أن يعطي أهل سبيل الله، فقيل له: ولا ترى أن يردها؟ قال: لعله لا يجد صاحبها، وأحب إلي أن يجعلها في سبيل الله يعطيها غيره. وقال في الحج: يردها إلى أهلها.

قال محمد بن رشد: مذهب مالك أن من أعطى رجلا شيئا في السبيل - عينا كان أو عرضا، فأمره محمول على أنه قد بتل ذلك في السبيل، فلا ينفق المعطى شيئا منه إلا في سبيل الغزو منذ يخرج إلى أن يبلغ رأس مغزاه، واختلف هل ينفق منه في فعله حتى يرجع إلى أهله، فأجاز ذلك له ابن حبيب، ومنع منه مالك في رواية أشهب عنه في رسم "الوضوء والجهاد "، ولا يستحق منه ما فضل بعد الغزو ملك، ولا يرجع ذلك إلى معطيه ملكا أيضا، ويجعله في السبيل - إن رده إليه، واستحب في هذه الرواية ألا يرد الفضلة إلى صاحبها مخافة ألا يجده، وأن يجعلها هو في السبيل. وقال في رسم "الوضوء والجهاد" من سماع أشهب ذلك واسع إن رد الفضلة إلى صاحبها، أو جعلها هو في السبيل، ونحوه في رسم "طلق" بعد هذا، وإن قال معطي الشيء في السبيل أنه لم يبتله في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015