قال: وخرج الحجاج ذات يوم فأصحر، وحضر غداؤه فقال: أطلبوا من يتغدى معي. فطلبوا فإذا أعرابي في شملة، فأتي به، فقال: السلام عليكم.
قال: هلم أيها الأعرابي. قال: قد دعاني من هو أكرم منك فأجبته. قال:
ومن هو؟ قال: دعاني الله ربي إلى الصوم فأنا صائم! قال: وصوم في مثل هذا اليوم الحار! قال: صمت ليوم هو أحرّ منه، قال: فأفطر اليوم وصم غدا. قال: ويضمن لي الأمير أنني أعيش إلى غد؟ قال: ليس ذلك إليه! قال: فكيف يسألني عاجلا بآجل ليس إليه؟ قال: إنه طعام طيب. قال. ما طيبه خبازك ولا طباخك! قال: فمن طيبه؟ قال: العافية. قال الحجاج: تالله إن رأيت كاليوم! أخرجوه.
قال أبو عمرو: خرج صعصعة بن صوحان عائدا إلى مكة، فلقيه رجل فقال له: يا عبد الله، كيف تركت الأرض؟ قال: عريضة أريضة «1» . قال: إنما عنيت السماء. قال: فوق البشر، ومدى البصر. قال: سبحان الله، إنما أردت السحاب! قال: تحت الخضراء، وفوق الغبراء. قال: إنما أعني المطر. قال: عفّى الأثر، وملأ القتر «2» ، وبلّ الوبر، ومطرنا أحيا المطر.
قال: إنسيّ أنت أم جنيّ؟ قال: بل إنسي، من أمة رجل مهدي، صلّى الله عليه وسلّم.
وقال بشار:
وحمد كعصب البرد حمّلت صاحبي ... إلى ملك للصالحين قرين
وقال أيضا:
وبكر كنوّار الرياض حديثها ... تروق بوجه واضح وقوام
وكتب الحجّاج بن يوسف إلى عبد الملك بن مروان: