عليهم وتحصيله له وإجازتهم له فيه؟ إن هذين ضدان لا يجتمعان، بل نقول: سبحانك هذا بهتان عظيم.
ثم يقال لهذا الملحد: ومن هذا الذي تفرس فيه الشقاوة؟ ومن هو الناقل عنه؟ وما وجه هذه الفراسة وما مصدرها غيرك أيها الكذاب؟ "ولو يعطى الناس بدعواهم لا دعى رجال دماء أقوام وأموالهم" فلا كل ناقل صادق، ولا كل طاعن مقبول، فالحق أحق أن يتبع.
وأما قوله: "وكان يميل لمطالعة أخبار من ادعوا النبوة، ويكتم هذا الفكر في نفسه".
فهذا من نمط ما قبله من الافتراء وقلة الحياء. وفي الحديث: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت" فمن أين عرف هذا الملحد أن الشيخ كان يميل لمطالعة أخبار من ادعوا النبوة، ما دام يكتم هذا الفكر في نفسه؟ فهل عنده علم من الغيب، أم هو الذي يدعي النبوة ويزعم أن الوحي ينزل عليه من السماء يخبره عن بواطن العباد وما يسرونه في أنفسهم؟ أم هو محض الافتراء والكذب على الله وعلى عباده المؤمنين؟ وقد قال تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النحل، الآية:105] وهل قام هذا الملحد وأمثاله بعداوتهم للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وتقولوا عليه الكذب إلا بسبب ما قام به الشيخ من الدعوة إلى تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمداً رسول الله، لأن الخصومة بينه وبين معارضيه كانت في تحقيق هذين الأصلين اللذين جهل حقيقتهما كثير من الناس، فاكتفوا منهما باللفظ دون المعنى. فجاءوا من الأعمال بما يخالفهما من صرف أنواع العبادة لغير الله تعالى، واتباع غير رسوله صلى الله عليه وسلم. فلما بين الشيخ رحمه الله تعالى أن مجرد الإتيان بلفظ الشهادتين مع مخالفة ما دلتا عليه من أصول التوحيد، ومع الشرك الأكبر في العبادة لا يدخل المكلف في الإسلام إذ المقصود من لفظ الشهادتين: حقيقة الأعمال التي لا يقوم الإيمان بدونها، كمحبة الله وحده، والخضوع له والإنابة