ونادى بها عليهم منادي الفلاح {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} [الإسراء، الآية: 81] فانتبه إلى حقيقة دعوة الشيخ رحمه الله من نور الله بصيرته وسبقت عند الله سعادته فرأى حقيقة غربة الدين، وما طرأ عليه من البدع والضلالات التي شوهت وجهه وغيرت معالمه. فعلم يقيناً أن هذا الشيخ من الأئمة المتقين الداعين إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة وإلى هدى سيد المرسلين. فقد تحمل الشيخ محمد رحمه الله تعالى أعباء هذه الدعوة وصبر على ما أصابه بسببها من المحنة والجفوة حيث شرق بهذه الدعوة الحنيفية أئمة الضلال، كدحلان وأمثاله، فهاجوا وماجوا وأدبروا واستكبروا وضلوا فأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل، وألبوا عليه ما استطاعوا وقالوا له كما قال أسلافهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً} [ص، الآية: 5] فأشاعوا عنه الكذب الصراح، وكتبوا إلى الأمصار يشنعون بالشيخ وبدعوته، وينسبون إليه من عظيم القبائح مات تنبو عنه الأسماع، فرد الله كيدهم في نحرهم وأظهر دينه ولو كره المشركون.
وقد وردت على الشيخ محمد رحمه الله أسئلة من الشام والعراق ومن الحجاز واليمن ومن نجد ونواحيها يسألونه فيها عما يعتقده وما يدعو الناس إليه؟ ويطلبون الحجة والدليل عليه. فأجابهم بأجوبة من الكتاب والسنة وإجماع صالح سلف الأمة، ما بمثلها يهتدي المهتدون وبها يأخذ المستدلون وعليها يعتمد المنصفون، فهدى الله من اهتدى وخاض في لجج طغيانه من آثر العمى على الهدى.
وها أنا أورد بعضاً من رسائل الشيخ محمد رحمه الله تعالى إلى أشراف مكة وعلمائها، وطرفاً مما جرى بين علماء مكة وعلماء الوهابيين من المناظرة بين يدي الشريف بمكة.