"وأتوجه إليك بنبيك محمد" صرح باسمه مع ورود النهي عن ذلك تواضعاً منه، لكون التعليم من قبله. وفي ذلك قصر السؤال الذي هو الدعاء على الله تعالى الملك المتعال، ولكنه توسل بالنبي، أي بدعائه. ولذا قال في آخره: "اللهم شفعه فيَّ" إذ شفاعته لا تكون إلا بدعائه قطعاً، ولو كان المراد التوسل بذاته فقط لم يكن لذلك التعقيب معنى. إذ التوسل بقوله "بنبيك" كاف في إفادة هذا المعنى. فقوله: "يا محمد إني توجهت بك إلى ربي" قال الطيبي: الباء في "بك" للاستعانة. وقوله: "إني أتوجه بك" بعد قوله: "أتوجه إليك" فيه معنى قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة، الآية:255] فيكون خطاباً لحاضر معاين في قلبه، مرتبط بما توجه به عند ربه من سؤال نبيه بدعائه، الذي هو عين شفاعته. ولذلك أتى بالصيغة الماضوية بعد الصيغة المضارعية، المفيد كل ذلك: أن هذا الداعي قد توسل بشفاعة نبيه في دعائه. فكأنه استحضره وقت ندائه ومثل ذلك كثير في المقامات الخطابية، والقرائن الاعتبارية. فقوله: "في حاجتي هذه، لتقضى له" أي ليقضيها لي ربي بشفاعته، أي بدعائه. وذلك مشروع مأمور به. فإن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كانوا يطلبون منه الدعاء، وكان يدعو لهم. وكذلك يجوز الآن أن تأتي رجلاً صالحاً فتطلب منه الدعاء لك، بل يجوز للأعلى أن يطلب من الأدنى الدعاء له، كما طلبه النبي صلى الله عليه وسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عمرته بأن قال له: "لا تنسانا يا أخي من دعائك" قال عمر رضي الله عنه: ""ما يسرُّني أن لي بها حمر النعم" قال العلامة المناوي: سأل الله أولاً أن يأذن لنبيّه أن يشفع. ثم أقبل على النبي ملتمساً شفاعته له، ثم كرَّ مقبلاً على ربه أن يقبل شفاعته. والباء في "بنبيك" للتعدية وفي "بك" للاستعانة. وقوله: "اللهم فشفعه بي" أي اقبل شفاعته في حقي والعطف على مقدر. أي اجعله شفيعاً لي فشفعه. وكل هذه المعاني دالة على وجود شفاعته بذلك. وهو دعاؤه صلى الله عليه وسلم له بكشف عاهته وليس ذلك بمحظور، غاية الأمر أنه توسل من غير دعاء، بل هو نداء الحاضر. والدعاء أخص من النداء إذ هو نداء عبادة شامل للسؤال بما لا يقدر عليه إلا الله. وإنما المحظور