مزيد ولا إلى فلسفة شيطان مريد. والرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين وأشهد على ذلك في أكبر مجمع من مجامع المسلمين وذلك في حجة الوداع.
فقول هذا الملحد بعد هذه الفلسفة التي يريد بها المغالطة ولبس الحق بالباطل: "ومن ذلك ما نحن بصدده، وإليك ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم في معنى التوسل وإليه استند علماؤنا، وبه اقتدوا، الأول في البخاري إلى آخر ما ذكره". من تحريفه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لفظاً ومعنى مما يدل على سوء قصده الباطل، وتعمده لتحريف الكلم عن مواضعه، إتباعاً لهواه {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص، الآية:50] فقد تصرف الملحد بهذا الحديث الشريف تصرف المضل المخادع. إذ حذف أصله، بل لبه الذي قيل الحديث من أجله وهو تعاون المؤمنين بعضهم بعضاً، ولأهمية هذا التعاون وأنه ركن من أركان الإسلام الذي لا يتم إلا به. فقد أحكم النبي صلى الله عليه وسلم وصف هذا التعاون بالقول والعمل، حيث شبك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه. ولما جاء هذا الحديث على أصحابه في تعاون المؤمنين بعضهم بعضاً. زادهم في بيان هذا التعاون إذ حثهم على عمل الخير في إجابة هذا السائل أو طلب الحاجة الذي هو من إخوانهم المؤمنين.
فأما أصل هذا التعاون وأساسه: فهو الجهاد في سبيل الله تعالى لإقامة دينه الذي أرسل به رسله، وأنزل به كتبه ليكون الدين كله لله وحده لا شريك له ولأجل إقامة هذا الدين الذي هو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله. فرض الله تعالى على عباده المؤمنين جهاد المشركين متعاونين كالبنيان يشد بعضه بعضاً. ويقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف، الآية:4] ولذلك أباح الله تعالى للمؤمنين دماء المشركين وأموالهم حتى يكون الدين لكله لله وحده لا شريك له. فهذا هو معنى تعاون المؤمنين بعضهم بضهاً. إنما هو في إقامة دينهم، وما هو تحت قدرتهم فيما بينهم من أمور دنياهم، لاما يزعمه هذا الملحد وسادته